تطور التعليم فخرج عن طوره
هناك قرار جريء على وشك الصدور بعودة نظام الامتحان الواحد للتوجيهي يجري في نهاية الفصل الثاني. وإلى جانب هذا القرار يوجد قرار آخر باقتصار مسارات التوجيهي على أربعة فروع بدلاً من تسعة كما هو الوضح حالياً. يأتي ذلك في سياق كلام عن خطة لاستعادة احترام وهيبة التوجيهي.
يمكن القول، وبدرجة دقة كبيرة، إننا بصدد العودة الى ما كان عليه الحال قبل ثلاثين عاماً، اي قبل البدء بمشروع "تطوير" التعليم، وبشكل خاص العودة الى ما قبل المرحلة الأخيرة من هذا "التطوير" التي قادها وزير التربية والتعليم الشهير خالد طوقان قبل أن ينتقل الى ملف آخر، في مجال الطاقة النووية، بهدف تحقيق "قصة نجاح" أخرى!
لا بأس، ففي إدارة الدولة لا يجوز الاكتفاء باللطم على الماضي، وقد قال رئيس الوزراء كلاماً مهماً فيما يتصل بالتوجيهي تحديداً، والرجل لديه فيما يبدو فكرة تنموية في هذا المجال بالذات، لكن لا يوجد ما يؤكد أن التردد والارتجال لن يعودا مرة ثانية في حالة انتقل الملف الى أيدي أخرى. إذ من الغريب مثلاً أنه ولغاية أشهر قليلة ماضية كانت الفكرة الدارجة فيما يتعلق بامتحان التوجيهي تدور حول اقتراح أربعة امتحانات موزعة على أربعة فصول، وليس واحداً كما يقتضي القرار الجديد.
استمعت يوماً، الى موظف سابق في قسم التخطيط في وزارة التربية والتعليم يتحدث عن المرحوم حكمت الساكت، (وهو ربما يكون أشهر وكيل وزارة (أمين عام) ثم أصبح وزيراً في نهاية خدمته لفترة محدودة). قال الموظف إن الساكت دخل على موظفي القسم الحديث آنذاك، وسألهم ماذا تعملون: فأجابوه بأنهم قسم التخطيط. فقال لهم: إن المخطط للتعليم في بلد مثل الأردن عليه أن يكون مثل بائع القماش المتجول يحمل قماشه ويذهب الى الناس يقص ويخيط لهم على مقاساتهم في أماكن سكنهم، لا أريد أن أراكم كثيراً هنا.
إن قصة التعليم في الأردن تعد انجازاً وطنياً كبيراً، تشترك في ذلك مع قصة قطاع الصحة، وقد ابتدأت منذ سنوات جريمة تدميرهما معاً، وأمر جيد أن نشهد محاولة لوقف تدمير ما تبقى. ( العرب اليوم )
