عبد الرحمن بن عوف ... ستيف جوبز ... بيل غيتس
عندما قرأت حول الاسماء الثلاثة أعلاه حيث عنونت مقالتي بأسمائهم , اعجبتني سيرتهم الذاتية و أدهشتني حقاً , خصوصا اني أرى من يملك مثلهم من المال و لكنه لا يستطيع ان يحذو حذوهم .
وجدت ان اولهم قد عاش في العصر الاول للإسلام و هو صحابي جليل هاجر من مكة الى المدينة فقيرا , فأخى الرسول ( صلى الله عليه و سلم ) بينه و بين سعد بن الربيع الذي عرض على عبد الرحمن بن عوف ان يشاطره ماله فرفض و قال له دلني على السوق فدله . ذهب صاحبنا الى السوق فباع و اشترى و ربح من كده و تعبه و كوًن ثروة طائلة لم يبخل في الانفاق منها في يوم من الايام في سبيل الله حتى قيل يوما ان ( اهل المدينة شركاء لابن عوف في ماله . ثلث يقرضهم اياه و ثلث يقضي به عنهم حوائجهم و ثلث يصلهم و يعطيهم ) .
لم يقتصر الامر عند صاحينا الى هذا الحد بل وصل الى حد الخوف من زيادة ماله فتبرع لاهل المدينة بقافلة كاملة قوامها اكثر من 700 راحلة محملة بالطعام و البر و الدقيق ... فكان ثراءه و ماله الذي يزداد يوما بعد يوم لا يزده الا خشية و خوف من مصير السؤال عن ماله كيف اكتسبه و فيما انفقه .
هذا الشخص لم يكن ليتبرع و يجود بماله لو لم يكن لديه خشية و خوف من الله و لو لم تكن نفسه مجبولة على حب العطاء و حب الخير و مساعدة المحتاجين .
فاين اغنيائنا و اصحاب المليارات منا من عبد الرحمن بن عوف الذي اتعب من ملك المال من بعده . و اذا اعتقد اغنيائنا بان الزكاة تكفي فاعتقد انها فرضت كحد ادنى على البخلاء منهم و ليس على الاغنياء .
و السيرة الثانية التي اعجبتني هي لستيف جوبز ... ذلك الرجل العبقري و المخترع و الذي صنعت منه تجارب الحياة واحد من اكثر المتبرعين في العالم ... انه الامريكي ستيف جوبز لاب سوري مسلم اسمه عبد الرحمن جندلي و لام مسيحية كاثولوكية امريكية من اصول سويسرية ... انجباه قبل الزواج في علاقة غير شرعية , ساهم ذلك في أن يعيش و يكبر بعيدا عنهما , ناهيك عن رفض عائلة والدته زواج ابنتهم من رجل غير كاثولوكي ... فتربى و نما و ترعرع لدى عائلة ( جوبز ) التي تبنته و بالتالي حمل اسمها ( ستيف جوبز ).
هذا الرجل الذي لم يستطع ان يكمل مسيرته التعليمية في الجامعة لاسباب مالية اضطر ان يبيع سيارته و يشارك زميله ( فوز نياك ) الذي اضطر هو الاخر لان يبيع حاسوبه ليؤسسا شركة apple في العام 1975 في مرآب للسيارات التي توجت في العام 2011 كاعظم شركة في العالم بثروة موجودات للشركة قدرت بـ 350 مليار دولار .
هذا الإنسان لم يمنعه ثرائه الفاحش من أن ينسى معنى المعاناة و العطف على فقراء و محتاجي افريقيا و العالم فكان يتبرع بسخاء لهم و يساهم في نشر المعرفة و التكنولوجيا باسعار زهيدة ( كما فعل بتقنية حاسوب laptop لكل مواطن هندي بسعر لم يتجاوز الـ 40 دولار ) .
ثراءه الفاحش الذي كان يزداد يوما بعد يوم شجعه على مزيد من العطاء و العمل لا الاسترخاء فساهم في اختراع الآي باد و الآي فون و غيرها الكثير من الاختراعات .
فأين أغنيائنا المسلمين و العرب من صاحبنا ستيف جوبز ... اترك طبعا للقارىء أن يحكم بنفسه .
أما صاحبنا الثالث فهو صاحب السيرة المثيرة و المدهشة ( بيل غيتس) المتربع على عرش اغنياء العالم لسنوات طويلة مضت و الذي تزداد ثروته ساعة بعد ساعة استطاع ان يجمع ثروته الطائلة من جهده و فكره و عبقريته الفذة , و قادته عبقريته الفذه الى تأسيس شركة مايكروسوفت في العام 1976 مع صديقه ( بول آلند ) التي اصبحت مع مرور السنين واحدة من اعظم شركات التكنولوجيا في العالم .
ثراء بيل غيتس لم يمنعه من الالتفات الى محتاجي العالم فساهم و مازال مع زوجته حيث أسسا معا ( مؤسسة بيل و ميلندا جيتس الخيرية ) يعملان في مساعدة فقراء افريقيا و دعم الطلبة الافارقة لتمكينهم من الدراسة في الجامعات الامريكية و دعم برامج الصحة و التعليم في كل انحاء العالم من خلال التبرع بمليارات الدولارات سنويا لجمعيته الخيرية و للعديد من الجمعيات الخيرية الاخرى من حول العالم .
و بعد .... امام سيرة اصدقائنا الثلاث اصحاب النفوس الطيبة المجبولة على حب الخير و العطاء و مساعدة الاخرين , و رغم المليارات التي تكاد لا تحصى بين ايدي اغنيائنا من رجال اعمال و و مسئولين و حكام ( الله لا يعطي بخلائهم العافية ) الا اننا قلما نشاهد مثالا يحتذى باصحابنا الثلاث و قلما نجد من يقتدي بهم و يعتبر منهم !!! .
فكيف يعيش هؤلاء و شعوبهم من حولهم تتضور جوعاً ... اعتقد ان سعادتهم في العطاء ستكون اكثر بكثير من إحتفاظهم بذلك المال . اتمنى من الله ان تكون سيرة اصحابنا الثلاثة عبرة لأغنيائنا حتى يخلدهم التاريخ و يجدوا ذلك عند ربهم يوم يغادرون هذه الدنيا . فاصحابنا الثلاثة كانوا أسياداً لمالهم و لم يسمحوا له بان يستعبدهم , فخلدهم التاريخ و دخلوه من اوسع ابوابه , ليبقوا شمعة منيرة عنوانها العطاء و حب مساعدة الاخرين لمن يريد ان يعتبر .