قيم التسامح والتعددية والانفتاح مصدر اعتزاز الملك
المدينة نيوز- يعبر جلالة الملك عبدالله الثاني وعبر الورقة النقاشية الثالثة التي حددت ادوار نجاح الديمقراطية المتجددة عن اعتزازه بمسؤولية صون قيم الوحدة الوطنية والتعددية والانفتاح والتسامح والاعتدال كقيم حصنت الحياة السياسية وزادتها منعة ووثقت عرى التواصل بين مكونات المجتمع الاردني الواحد .
لقد اسست هذه القيم الناضجة المستمدة من مناقب الهاشميين على مر التاريج ارضية خصبة لتلاقي الاردنيين على وحدة الهدف وحرصهم على الثوابت الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية في اطار نهج تشاركي حواري يحترم فيه الرأي والرأي الاخر .
سياسيون واكاديميون يؤكدون ان تلك القيم حافظت على النسيج الوطني وجذرت تماسك الجبهة الداخلية ومنهجت الربيع الاردني الذي جاء مبكرا ومنذ عام 1989 .
ويشيرون لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) الى ان الاصلاح في المملكة سبق اي دعوات اصلاحية عبر منهج متكامل , وواكبها حين علت اصوات الحراكات الحضارية مطالبة بالتغيير في اطار مجتمع منفتح معتدل متسامح يحترم التعددية والحرية المسؤولة . تقول العين نوال الفاعوري ان الاردن هو بلد التسامح والاعتدال والانفتاح والشفافية وهو من اول البلدان التي التقطت التغيير , فمن المعلوم كما توضح ان الربيع الاردني قد بدأ منذ سنوات طويلة وحتى قبل ارهاصات الربيع العربي الذي اجتاح المنطقة العربية .
وتضيف : كلنا يتذكر انتخابات عام 1989 والتي جاءت بعد ازمة اقتصادية حادة , وجرت بنزاهة وبقانون انتخاب اتفق عليه الجميع , وكانت النتيجة برلمانا فاعلا عبر بصدق عن ارادة المواطنين بجميع مكوناتهم وفئاتهم في اجواء من النزاهة والشفافية وقيم التسامح والانفتاح .
وتقول ان جلالة الملك عبد الله الثاني التقط زمام المبادرة للاصلاح , فاعلن مبكرا عن خطط متدرجة وفاعلة ومؤثرة للاصلاح السياسي كالاصلاحات الدستورية وانشاء مؤسسات ديمقراطية فاعلة كالمحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخاب ونقابة المعلمين , كما تم اعداد قانون للانتخابات اثار جدلا ,لكنه ادى الى اجراء انتخابات شفافة وادخل القائمة النسبية وفتح الباب لتشكيل حكومة عن طريق استشارة نواب البرلمان بواسطة الكتل الحزبية والمتآلفة داخل المجلس حيث جرت المشاورات بين الديوان الملكي العامر والنواب لانجاز مثل هذه الحكومة .
وتبين العين الفاعوري" ان من ينظر للمشهد يدرك ان تشكيل حكومة برلمانية لن يكون سهلا لعدم تواجد كتل حزبية فاعلة وناضجة تعتمد برامج سياسية واقتصادية يلتزم بها نواب الحزب والحكومة التي تشكل الاغلبية ولان التكتلات التي تشكلت داخل البرلمان بعد الانتخابات لا تربطها برامج حزبية بل مصالح وتوافقات آنية لا تؤدي بالضرورة الى استقرار بالمواقف والبرامج والتزام موثوق به امام الجميع , لافتة الى ان هذه التجربة ستكون مفيدة لما بعد ذلك" .
وتقول : هذه الامور لم تكن لتغيب عن ذهن جلالة الملك بل ان جلالته ادرك اهمية وجود الاحزاب وتشكيل حكومة برلمانية حزبية تعطي الوقت اللازم لتطبيق برامجها تحت مراقبة البرلمان والمؤسسات الدستورية الاخرى .
وتتابع : لذلك اراد جلالة الملك ان تكون خطوات الاصلاح محسوبة ومدروسة ومتدرجة , للوصول الى الملكية الدستورية بالتوازي مع تقدم الاحزاب السياسية وزيادة حضورها , مع العلم بان هذا التطور الحزبي يحتاج الى حضور ثقافة ديمقراطية وحزبية .
وتشير الى ان الديمقراطية ليست مجرد اجراء انتخابات نيابية بل هي قناعات واخلاق وسلوك والتزام بالمواطنة وتقديس المصلحة العليا واحترام حقوق الانسان مع القبول والوعي باحقية تداول السلطة التنفيذية ديمقراطيا وعبر صناديق الاقتراع وقيام كل فريق سواء الذي بالسلطة او المعارضة بدوره وواجبه الوطني والديمقراطي دون تجاوز .
وتضيف انه ومن هذه المنطلقات الاساسية ومن خلال الفهم العميق لطبيعة تطور الاصلاح السياسي اعلن جلالته مرارا ان الاصلاح في المملكة الاردنية الهاشمية عملية متواصلة ولن تتوقف الى ان يحظى المجتمع الاردني باحزاب ذات ابعاد شعبية راسخة وبرامج سياسية واقتصادية قابلة للتطبيق وصولا الى الملكية الدستورية التي اعلن عنها جلالته والتي تحترم ارادة الشعب وتستجيب له باعتباره شريكا ومصدرا للسلطات .
وترى العين الفاعوري ان الكرة الان في ملعب المؤسسات الحزبية ومنظمات المجتمع المدني والنخب والمواطنين حيث ان الدستور والتشريعات جاهزة للتمكين , لانجاح هذه التجربة للوصول للملكية الدستورية .
وتقول : وهذا بالضرورة يتطلب الوصول الى كلمة سواء بين مكونات المجتمع واحزابه وحراكاته ومنظماته المدنية عبر الحوار المنتج للوصول الى ما نطمح اليه جميعا لافتة الى ان الربيع الاردني المبكر ما كان ليكون لولا اعتزازنا كما جلالة القائد بمسؤولية صون قيم الوحدة الوطنية والتعددية والانفتاح والتسامح والاعتدال . وتقول عميدة كلية العلوم الاساسية في جامعة العلوم الاسلامية العالمية الدكتورة ادب السعود ان الورقة النقاشية جاءت بوقت يستوجب توظيف الواقع السياسي والحكومي والبرلماني بما يسهم في انماء الحياة الديمقراطية في المملكة في سياق وطني يحافظ على الوحدة الوطنية ويصون ثوابتها .
وترى ان اعتزاز جلالة الملك بمسؤولية صون الوحدة الوطنية والتعددية والانفتاح والتسامح والاعتدال انما يعكس اصالة قيم الهاشميين وانفتاحهم وايمانهم بالحوار واحترام الرأي والرأي الاخر .
وتوضح ان التعددية الوطنية متطلب هام للوصول الى الحكومات البرلمانية كما يراد لها ان تكون , في ظل وجود احزاب برامجية فاعلة تفرز مجلسا نيابيا يملك البرامج والاستراتيجيات والقدرة على تنفيذ الوعود الانتخابية بما يخدم القواعد الانتخابية .
وتبين الدكتورة السعود ان التعددية الفكرية والحزبية من الاهمية بمكان للوصول الى حكومات اغلبية برلمانية للتشاور على تشكيل الحكومات بآليات اسرع مما نشهده الان , وبانحياز مطلق لمواصفات رئيس الوزراء المطلوب وليس اسمه , في ظل وجود حكومة ظل تتابع وتراقب وتجهز برنامجها البديل القابل للتطبيق .
وتلفت الى ان الواقع السياسي الذي تعيشه المملكة استدعى نشر الاوراق الملكية لتنوير الطريق امام الجميع من اجل اردن المستقبل , الاردن التعددي الذي يحترم حقوق الانسان ويعلي قيم المواطنة ويصون الحريات ويمكن المرأة .
وتشير الى ان قيم التسامح والاعتدال والانفتاح هي قيم اردنية بامتياز , نهلها الاردنيون من قيم الهاشميين الابرار , وتعلموا دروسا في التحاور وسماع الاخر والوصول الى قواسم مشتركة تنبثق من الثوابت الوطنية وتستهدفها وتحافظ عليها .
وتبين ان الربيع العربي مرّ على دول بشكل دموي , فيما هو في الاردن انسيابي حضاري , ومرد ذلك الى تشبع المجتمع الاردني بقيم الاعتدال والتسامح والتواصل والتكافل .
وتقول ان الاوراق النقاشية الملكية ما كانت لتلقى هذا الصدى الايجابي من جميع مكونات الدولة الاردنية لولا تقبل الاردني لفكرة الحوار والانصات لصوت العقل ورجاحة الفكر التي تريد بالاردن واهله خيرا وتطورا مشيدة بدور الاعلام في مواكبة تلك الاوراق ليس نقلا حرفيا فقط وانما تحليلا وانتظارا لردود الفعل الشعبية على وجه الخصوص .
وتنوه الدكتورة السعود الى ان الاوراق الملكية بصفة عامة وليس حصرا في الثالثة منها تنم عن اسلوب ملكي متقدم يدرك مخاطبته لشعب متطور الفكر منفتح العقل , منتهج للمنطق في تدارك اعتى القضايا صعوبة .
وتلفت الى ان الاوراق الملكية تأتي في سياق انفتاح اعلامي دعمه جلالة الملك عبدالله الثاني غير مرة , ولا سيما لجهة الحرية المسؤولة التي تراعي المصالح العليا للدولة الاردنية مشيرة الى ان الاردن يشهد معارضة وهذه ظاهرة صحية , لكنها معارضة وطنية تريد بالاردن خيرا ونماء , معارضة لسياسات حكومية , وليست للحكم , وهذا كله مرتبط بوجودها ضمن بيئة متسامحة انفتاحية معتدلة .
يقول استاذ التفسير الدكتور محمد المجالي ان تأكيد جلالة الملك عبر الورقة النقاشية على صون قيم الوحدة الوطنية والتعددية والانفتاح والتسامح , انما يؤكد على النهل من قيم وتعاليم الدين الاسلامي الحنيف , الذي اهدى للعالم اجمع رسالة التسامح المؤصل فيه .
ويضيف " يشرفنا في الاردن اننا حافظنا على التقاليد العربية الاسلامية فكنا مثالا يحتذى في الانفتاح والحرية المسؤولة , والتسامح , والشورى , وهي الامور التي افتقدت في دول حولنا وعاشت ربيعا عربيا دمويا في سبيل تطلعاتها " .
ويؤكد ان الاردن احوج من اي وقت مضى الى الاوراق الملكية النقاشية التي تستدعي مشاركة كل الاردنيين في تحليل مضامينها متسلحين بقيم الانفتاح والتسامح ومتطلعين حقيقة الى مزيد منها والى تكريس قيم العدالة وحقوق الانسان .
بدوره يقول رئيس قسم التسويق في جامعة جدارا الدكتور باسم عياصرة اننا في الاردن وبفضل القيادة الهاشمية المنفتحة على الحوار نمتلك مكتسبات غالية , نحافظ عليها انطلاقا من ايماننا بوطننا وبمستقبله , لذلك نرى المواطن حريصا على مقدرات وطنه , فيعارض ولكن دون المساس بالمقدرات , ويختلف في الفكر والرأي مع الاخر ولكنه لا يقصيه وهذا مرده الى مدرسة الهاشميين في التسامح والاعتدال .
ويشدد على ان هذه الاوراق الملكية تقود الاصلاح الذي يجب ان ينطلق من مبادئنا وعاداتنا وتقاليدنا وهويتنا الوطنية وان يأخذ بافكار ورؤى الخبراء وليس السياسيين فحسب .
( بترا)