هل يحتمل بلدنا اعباء مليون لاجىء سوري؟

تم نشره الأحد 10 آذار / مارس 2013 01:57 صباحاً
هل يحتمل بلدنا اعباء مليون لاجىء سوري؟
حسين الرواشدة

في نهاية هذا العام يتوقع ان يصل عدد اللاجئين السوريين في الاردن الى مليون شخص، والسؤال: هل يستطيع الاردن بما لديه من امكانيات متواضعة ان يتحمل هذه الهجرة الكبيرة؟

اذا اخذنا الاعتبارات الانسانية –وهي مهمة بلا شك- سنضطر الى التسليم بهذا القدر، وابتلاع “المحنة” اذ لا يمكن لأحدنا ان يتصور اغلاق الحدود امام آلاف الاطفال والنساء والجرحى المنكوبين من الحرب، والباحثين عن “ملاذ” آمن يحمي ارواحهم من القصف المستمر وتدمير البيوت والمدارس ودك القرى بالصواريخ، كما لا يمكن لأحدنا ان يعتذر عن القيام بواجب “الضيافة” الذي تفرضه اصول المشتركات الدينية ووشائج القربى والاخوة بين الشعبين الجارين، كما انه يمكن ان يقال بان هذه “ازمة” عابرة، وبان هؤلاء “المهجرين” سيعودون –مهما طال بقاؤهم- الى بلادهم، وبالتالي فان “استضافتهم” وتحمل اعبائها هو جزء من واجبنا الانساني فقد سبق واستقبلنا “هجرات” سابقة ودفعنا ثمنها ايضا.

هذا الطرح مفهوم بالطبع، لكن ماذا عن الاعتبارات السياسية، ثم الاعتبارات الامنية والاجتماعية، هل يستطيع بلدنا ان يتحمل “كلفة” ذلك على المدى القريب والبعيد ايضا.

سأترك المجال السياسي وألغازه، وسأشير فقط الى “الصورة” الانسانية التي تقدم سيايسا لحالة “اللاجئين” المقيمين في مخيم الزعتري مثلا، ويتهم فيها بلدنا بالتقصير في ادارة هذا الملف دون النظر لامكانيات الاردن الاقتصادية والاعداد الهائلة التي يصل معدلها الى 3 الاف لاجىء يوميا، والنتيجة ان ثمة من يريد ان يستغل هذه “الصورة” لتشويه موقف الاردن والاساءة اليه، ثم سأشير –ايضا- الى الاعباء الامنية التي يدفعها رجال الامن العام بسبب “تعقيدات” حالة اللجوء وهوية اللاجئين الذين ثبت بان بينهم اعداد من “اصحاب السوابق الامنية والسياسية” ولديهم مهمات غير بريئة لاثارة الفوضى والمشاكل.

سأشير ايضا الى المجال الاجتماعي، فثمة مخاوف حقيقية من انتشار بعض الامراض والمشكلات اللاأخلاقية، وقد سمعنا فعلا عن “حالات” للمتاجرة بالبشر، وعن استغلال لبعض اللاجئات في اعمال غير مشروعة، وهذا يعني ان بلدنا سيتعرض لاختراقات في مجال قيمه وتقاليده، وبعيدا عن الخوض في تفاصيل ذلك فقد ثبت بان الهجرات تؤثر في التحولات القيمية والاخلاقية داخل المجتمعات التي تواجه مثل هذه الظواهر، وغالبا ما تكون هذه التحولات سلبية نظرا لما تفرزه “الهجرة” بظروفها القاهرة والصعبة من آثار على الاشخاص المهاجرين.

يبقى الجانب الاقتصادي، وهو مهم ايضا، اذ يدفع الاردن من “بنيته التحتية” سواء فيما يتعلق بالماء او الكهرباء او سوق العمل او المعونات على اختلافها، ثمنا كبيرا لتغطية حاجات هؤلاء، وفي ضوء “الازمة الاقتصادية” التي نعاني منها وتواضع حجم المساعدات الدولية والعربية وتصاعد اعداد اللاجئين مع انسداد ابواب “الحل” داخل سوريا، يبدو ان امكانيات الاردن على النهوض بهذه الاعباء غير متوفرة، وقد شهدنا في بعض المناطق احتجاجات شعبية تطالب بالحد من استقبال اللاجئين نظرا لما ترتب عليهم من “اعباء” لم يعودوا قادرين على تحملها “في مجال السكن والمياه مثلا” مما يجعل اعادة النظر في “ادارة” هذا الملف مسألة ضرورية تماما كما فعلت تركيا التي وضعت سقفا لاعداد اللاجئين حيث لم يتجاوز عددهم 200 الف حتى الآن، رغم ان ظروف تركيا افضل منا بكثير.

صحيح اننا –بدافع الاخوة- لا نقبل ان نطرد اخواننا الذي اضطرتهم ظروفهم للجوء الينا، لكن الصحيح ايضا ان ظروفنا الاقتصادية والامنية والاجتماعية تفرض علينا ان ننتبه الى مصالحنا الوطنية، وان نقدم ما بوسعنا لاشقائنا من معونات بشرط ان لا يؤثر ذلك على حاجات الناس الضرورية واستقرارنا... فالله تعالى لا يكلف نفسا الا وسعها... واعتقد ان “وسعنا” لا يحتمل الاستمرار بحمل العبء وحدنا دون ان يساعدنا الاشقاء والاصدقاء على ذلك. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات