عاشوراء العراق وعشريته!

تم نشره الإثنين 11 آذار / مارس 2013 02:27 صباحاً
عاشوراء العراق وعشريته!
خيري منصور

عشر سنوات مرت على احتلال العراق حولته متوالية التفكيك خلالها الى دولة فاشلة تحكمها عصابات كما تقول الصحف البريطانية ومنها الغارديان التي كان لها موقف متحفظ من الحرب على العراق، وهذه العشرين لها احزانها وندمها والشعور بان من وقف الى جانب الاحتلال كان براقش التي جنت على نفسها واحفاد احفادها.

لعاشوراء مرجعياتها كتراجيديا وطقوسها ايضا لكن العشرية بخلاف ذلك فهي صناعة انجلو امريكية، رغم ان هناك اطرافا عديدة ساهمت في التشطيبات، فالعراق الذي كان يسمى ارض السواد لفرط اخضراره هو الان شاحب وظامئ، وشريد حتى في عقر داره، والديمقراطية التي كانت ذريعة الغزو هي الان طوائف في حالة احتراب يقارب الانتحار الاهلي، وما من يوم يمر على العراق الا وفيه مجزرة حتى ان العراقيين اصبحوا يحصون ايامهم بعدد قتلاهم وليس بفناجين القهوة كما يقول الشاعر اليوت.

ان مجمل ما تقوله الصحف خصوصا البريطانية في هذه المناسبة يسقط مبررات الغزو ولو بأثر رجعي، فليس من اجل هذا الموت والخراب وتفسيخ النسيج الوطني الى طوائف حلم العراقيون، فمن عاد منهم من منفاه بعد عقود لم يجد العراق الذي تخيله عن بعد، خصوصا بعد ان سطت النوستالجيا لدى البعض على التفكير العقلاني، والسيناريوهات القادمة للعراق قد تكون الاسوأ، لان ما يجري الان هو مقدمات اخرى لتمزيق يصل حد التقسيم، ومن يستمرئون هذا الحال هم من اعداء العراق ومستقبله واطفاله ونخيله ومائه حتى لو زعموا عكس ذلك. لان من يريد ان يرضي نرجسيته الجريحة بمنصب ولو على خازوق سيبقى على الخازوق حتى يثقب رأسه، والأوطان لا تقايض بأية مكاسب عابرة، لكن الاختبار العسير الذي اختاره التاريخ نموذجا للعراق بدأ يفرز قمحه من زوانه، فالاقنعة المزخرفة سقطت تباعا، والقصب الحزين تحول الى نايات، لكن هناك من يرقصون على ايقاع الانين، وهذا بالضبط ما قاله فؤاد عجمي قبيل احتلال العراق، عندما بشر امريكا بان العراقيين سوف يستخفهم الطرب ويرقصون على ايقاعات القنابل والصواريخ.

لكن ما حدث كان العكس، فمن يرقصون الان هم الطيور الذبيحة التي لا تطيق الالم لفرط ما تصاعد وتكرر واقام.

عشرية العراق امثولة التاريخ التي ستبقى شاهدا على اردأ واقبح ما افرزت الكولونيالية في حقبة ما بعد الحداثة من اطروحات، فالحرب على العراق تصنف بانها استباقية، وبالتالي فهي في خانة حروب ما بعد الحداثة، سواء بالشرعية الملفقة او بتجريب الاسلحة المحظورة .

لقد صنع الاحتلال بكل ما لجأ اليه من تفكيك عراقا اخر على ارض العراق، وحين قال الجنرال شوارتسكوف انه سيعيد العراق الى القرن التاسع عشر لم يقصد الكهرباء وادوات التكنولوجيا بقدر ما كان يشير الى مرحلة ما قبل الدولة، حيث القبيلة والطائفة هما المرجعية الوحيدة لشعب عريق كان اول من كتب على الطين واول من علق الشرائع.

كان عراق الامس بعاشوراء واحدة، لكنه الان بعشرية حمراء، القاتل فيها هو الغازي او ما يسميه العراقيون منذ ثورة العشرين «ابو ناجي» والمقتول شعب بمختلف مكوناته، سواء احس بذلك او كان اخر من يعلم! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات