العثور على رجل شريف
في بلد يعج بالفساد وسوء الإدارة، وعدم توفر قدرات توقف الذين يستغلون سلطاتهم عند حدود الإلتزام بمعايير أخلاقية وقانونية ومهنية ،وفي ظروف كالتي أتاحت للبعض أن يعمل بطريقة لاترقى الى مستوى الحرفية ،ولايبدو واضحا ماإذا كان هذا البعض مع أو ضد القانون ،وهل يمارس الفساد ،أم هو متستر عليه ،أم جزء منه، يكون صعبا الحكم على المرحلة الحالية إنها يمكن أن تكون مرحلة إحداث التغيير، ومعالجة الأخطاء ،وكشف الفساد ،وتقديم المنتفعين منه والدافعين له والساعين إليه الى محاكمات عادلة تنصف الضحايا ،وتحمي المال العام من الإستغلال ،وتمنع القوى المتنفذة من حماية الذين يفسدون، ثم يتبجحون بأنهم في الخط الأول من المواجهة مع المستغلين والنفعيين وأعداء التغيير والمتربصين به وبأهله والعاملين على تخريب نتائجه التي وجد منها الشعب متنفسا ومساحة يمكن أن تكون مكانا لإقامة شئ نافع للأجيال القادمة ولإنصاف طبقات حرمت من حقها في ثروة بلد يفترض إنها تنتمي إليه.
بصراحة متناهية صرت أكثر قلقا من أي وقت مضى، وأخذت أتذكر بخوف المرحلة التي ظهر فيها مايطلق عليهم وصف ( العيارين ) فيها ،وهم قوم فقدت الدولة السيطرة عليهم في شؤون عدة ماأثار خوف العامة وإستيائهم ودفع المسؤولين لإتخاذ إجراءات رادعة لوقفهم ،وكان ذلك في عصور غابرة تكاد أن تعود الآن وبصورة أكثر قتامة وقلقا من خلال سلوك سياسيين إتخذوا من وسائل الإعلام منبرا للتشهير بسواهم ،ودفع وسائل إعلام لتكون محرضة ،وليست ناقلة للخبر والرأي والرأي الآخر ،والكل يمجد فعل مواجهة وكشف الفساد ويرمي باللائمة على المنافسين الآخرين بالمشاركة فيه والتستر على ممارسيه والمقربين منهم في لعبة مفضوحة تحت شعار ( متبايعين العيارة) ، فلايعود المواطن قادرا على التمييز، وهو يشاهد ويسمع الصراخ من خلال تلك الوسائل دون سواها ،خاصة تلك التي تضحك على جميع الأطراف وتدفعهم للتناحر والتنابز والتنابذ لغايات لايفهمها إلا العاملون بنظام الطابور الخامس، وأصحاب الأهداف بعيدة المدى معتمدين على جهل بعض السياسيين، ومراهقة بعضهم، وحماس جماعة منهم ،وصفاقة آخرين ،وشعور النقص والدونية عند سواهم مايدفعهم لسلوك يؤدي الى تدميرهم هم ذاتهم فيما بعد دون أن يشعروا عندما يعملون على تهيئة عوامل وظروف مواتية لمن يريد هتك الدولة القائمة وإماتة الحلم الذي سقط بسببه الملايين، وتحمل الشعب فاتورته الباهظة بدمه في مواجهة قوى الإرهاب والتكفير والتخوين وعملاء المخابرات الدولية والإقليمية.
هل نستطيع في هذه المرحلة الخطرة من فعل شئ يغير مانحن عليه من حال بائس أتيحت فيها الظروف للمراهقين أن يتحكموا في وجهة ومسار الأحداث؟أم نظل نمني النفس بتغيير قد لايأتي وكأننا بعجزنا جزء من مؤامرة تدار وتحاك من قوى هي الآن متمكنة بفعل تهاوننا وطريقة إدارتنا البائسة للأمور، وربما تنجح في وقت لاحق من إسقاطنا في هوة سحيقة لانخرج منها أبدا وينتهي الحلم؟