أمي
إن كلمة الأم تعني الأصل الطيب والمقدس لكل شئ عظيم كما وصفت مكة بأم القرى بقوله تعالى ((مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها )) الأنعام 92.
والله سبحانه وتعالى أطلق على خزائن علمه مصطلح أم الكتاب قال تعالى(يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) الرعد 39 .
إن الأم هي النبع الدافق ، وهي العطاء الذي لا ينضب ، وهي جذوة الحب التي لا تنطفئ .
أمي أنت شمس حين تتلبد السماء بالغيوم ، وأنت المطر حين تشتاق الأرض للماء، أنت نسمات صيف محملة بالخير في صيف لاهب، أنت عطاء بلا حدود ، وأنت جود بلا عدد ، وأنت المدد المدد.
آه يا أمي كم كنت أحس بألم لحظة الرحيل حين وداعك ساعة السفر وكيف كنت تسابقين السيارة لحظة الانطلاق وكأنك تودين حملها لنصل إلى هناك دون عناء وتعب .
وكم كنت أحس بالوهن والخور حين كانت دموعك تنساب دون قدرة على إخفائها، وحتى لآ ترين بكائي وحزني لحظة الرحيل.
تطوف بي الذكريات حينما كنا صغارا ، وكيف كنت من صلاة الفجر تحضرين وتجهزين من خيرات الطعام المشبع بالحنان والأمل إفطارا للعائلة ، يا لروعة الماضي الجميل وكيف كانت البراءة بشقاوة الطفولة وشغب وصخب وعبث ، وساعة الخطاء والخشية من العقاب من والدي رحمه الله كنا نحتمي خلفك وبين ذراعيك ، وكنت وهجا من شوق قل مثيله وننطلق فرحين بالنجاة من العقاب.
لو كنت أقدر أن أملك ما في هذا الكون لو وهبتك إياه ولجعلت لك في كل يوم عيد ، فليس العيد في يوم نستذكرك وننسى باقي الأيام، ولكن أجمل ما جعلوه وهو بداية الربيع ليكون عيدا لك ، فأنت يا أمي الربيع المزدان بخضرة ، وجمال أخاذ، أنت سنا الشوق حين ينكفئ المغترب على نفسه في صقيع الترحال ، أنت فجر ليوم جديد يبعث الأمل والحنين لباقي اللحظة من النهار وفي كل نهار يطلع ، أنت الفرح الممزوج بدفء العطاء في زمن ضاع منه العطاء ، فأنت العطاء وكل العطاء.
كم أحس بأنني ما زلت طفلا أشتاق لضمة ذراعيك كما كنت تحتضننا يوم كنا صغارا ، وأحس بأنني ما زلت أرغب بالمزيد من هذا الفيض وهذا العطاء.
إن السنوات وإن جارت بقسوة عليك ، فستبقين رمزا للوفاء ورمزا للبهاء.
ولكل الأمهات في الوطن الجميل الراحة والصحة والخير والعافية والرخاء.