ليش .. مش أنا؟؟

تم نشره الإثنين 25 آذار / مارس 2013 02:49 صباحاً
ليش .. مش أنا؟؟
خيري منصور

بدءا اعتذر للابجدية عن هذا العنوان الذي لم استطع كتابته الا باللهجة العامية، لان السؤال المتكرر وهو «ليش مش انا» يفتضح فسادا تربويا وتورما تعويضيا للذات عن كل ما ينقصها. واذا نجح اي فرد وفي اي حقل نسارع الى القول سرا ليش مش انا ويتكرر هذا مع الجوائز والمناصب وكل اشكال التفوق. وكأن من يفوزون على سواهم يلعبون باوراق الحظ واليانصيب او يفرطون زهرة برية على طريقة فرس ابيك حمراء ام بيضاء!

ولا يخطر ببال من ذهبت اعمارهم هدرا من المهد الى اللحد انهم استغرقوا في سبات واغواهم الخمول، فصح عليهم قول شاعرنا القديم

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فانك انت الطاعم الكاسي.

والمقصود بالطبع عكس ذلك تماما فهذا القاعد يبحث عمن يطعمه ومن يكسوه!

لقد سمعت هذا السؤال الذي يمتزج بالمرارة كثيرا، ومن اشخاص ينتسبون الى مجالات عديدة. فهؤلاء لديهم ما يسمى في علم النفس الاعتقاد الخاطئ، بحيث يتصورون ان كل شيء في هذا العالم من حقهم وعدم حصولهم عليه بسبب غياب العدالة، لهذا على اي ناجح في هذه المجتمعات سواء كان حلاقا او كاتبا او طبيبا او حتى تاجرا ان يتوقع مثل هذا السؤال وان يهيء نفسه لاشاعات تنال منه. وقد لا يسلم منها حتى عرضه في مجتمعات تعاني من فائض المكبوتات كلها ولها خيال مسرطن يذهب بها الى العالم السفلي فقط.

ان من يقول ليش مش انا لا يتيح لنا ان نجيبه عن سؤاله، لهذا يلوذ بمن يشاركونه الفشل، وكما ان للاذكياء النادي الذي يضمهم رغم عدم تقديم طلب انتساب للعضوية، فان لهؤلاء ايضا انديتهم، فالاحمق يبحث عن الاشد منه حمقا كي يصفق لاخطائه وسذاجته، ولان تربوياتنا الثقافية والسياسية تخلو من نقد الذات وادب الاعتراف فان اكثرنا تأخذهم العزة بالاثم .

فالمخطئ يتوغل حتى الخطيئة والجاهل تنبت له انياب ومخالب لان سلاح العقل لديه معدوم.

وحكاية البحث عن الادنى لارضاء الذات الجريحة وتحقيق تفوق وهمي هي من صلب ثقافة عوراء، تفرض على ضحيتها ان يتشرنق داخل نفسه. ويسخر من كلما عداها لهذا فان مناقشة اهم مفكري العالم وعلمائه ايسر من مناقشة الجاهل. لانه لو كان يعلم بانه جاهل لتغير الامر تماما.

الحل اذن هو بحث الجاهل عن الاجهل منه والفقير عن الافقر منه والقزم عن الاقصر منه، وبعد ذلك كله يأتي السؤال العجيب: ليش مش انا؟

ونادرا جدا ما نسمع شخصا يعترف بتقصيره او كسله ثم يحمل نفسه عبء الاخفاق، لاننا نعيش في واقع لا اظن ان هناك ما يماثله في العالم، فمن لا يقرأ يشعر بالغثيان والصداع والنفور اذا سمع احدا يتحث عن كتاب او مقال فهو لا يرحم نفسه ولا يتمنى للاخرين ان يرحمهم الله.

ان الشعور بالاستحقاق ليس امرا ميسورا او منحة مجانية اذا كان له رصيده بالفعل من العمل والجهد والمخزون.

فهل يأتي وقت نكف فيه عن هذا السؤال الاخرق، ونخجل قليلا بسبب وعينا باننا لم نظفر بما لا نستحق وان الاخرين ليسوا لصوصا سطوا على نصيبنا من النجاح؟؟ ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات