النسيج الكوني ... و الحُبُك
استمتعت كثيراً و انا اتابع برنامج تلفزيوني يتحدث حول اعظم اكتشافات العالم الكونية في عصرنا الحديث و من تلك الاكتشافات المذهلة ما قام بها علماء غربيون من الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا و المانيا و كندا حيث قاموا باجراء دراسة ضخمة حول الكون لمعرفة شكله , و قاموا بصناعة جهاز كمبيوتر ضخم يزن اكثر من مائة الف كيلو غرام اطلقوا عليه اسم ( super computer) يستطيع ان يعالج في ثانية واحدة ما يعجز الحاسوب الحالي المتطور لدينا من معالجته خلال عشرة ملايين عام .
و قام هؤلاء العلماء بادخال معلومات عن عشرين مليون مجرة ( مثالها تلك المجرة التي نعيش عليها و التي تحتوي لوحدها على مائة الف مليون نجم , و كما هو معلوم فان الكون يوجد فيه مليارات المجرات و كل يوم تطلعنا الأبحاث العلمية المتخصصة عن اكتشاف المزيد من المجرات .)
و قاموا ايضاً بادخال معلومات عن توسع الكون، وعن سلوك النجوم والتجمعات المجرية، وعن المادة المظلمة في الكون، وكذلك تم إدخال معلومات عن الغاز والغبار الكوني، بهدف تقليد الكون في توسعه، وتحديد الطرق التي تسلكها المجرات والنجوم. وقد قال البروفسور Carlos Frenk من جامعة درهام ببريطانيا ومدير هذا البرنامج ( إنه أعظم شيء قمنا به حتى الآن، ربما يكون الأكبر على الإطلاق في الفيزياء الحاسوبية. إننا وللمرة الأولى نملك نسخة طبق الأصل عن الكون، والتي تبدو تماماً كالكون الحقيقي، ولذلك يمكننا وللمرة الأولى أن نبدأ التجارب على الكون ).
و بعد ذلك تركوا الكمبيوتر يعمل على معالجة تلك البيانات لمدة شهر كامل حيث خرجت الصورة النهائية الظاهرة للكون تشبه نسيج العنكبوت و لاحظوا ان المجرات تصطف على خيوط طويلة و دقيقة , و طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية و هي محبكة و غير مبعثرة وغير عشوائية و استعمل العلماء تعبير ان هذا النسيج المحكم و المشدود و المتقن بعبارة (weave ) اي محبوك .
و قد قام سابقاً علماء المسلمين أمثال الزمخشري و القرطبي و ابن كثير و الحسن االبصري رحمهم الله بتفسير الآية القرآنية ( و السماء ذات الحُبُك ) و قالوا بانها تعني ان السماء محبوكة بالنجوم اي نسجت بشكل محكم و متقن بالنجوم .
و اثبت العلم الحديث ان هذا الكون منسوج باعجاز و اتقان من خلال المجرات. فسبحان الله .
فلا يمكن ان يخطر على قلب بشر غير مسلم و غير مطلع على القرآن في هذا العصر ان يكون الوصف العلمي الحالي و الصورة الحقيقية لهذا الكون و بعد كل تلك الاكتشافات العلمية الحديثة كالحواسيب العملاقة و أجهزة التلسكوب العملاقة و استخدام أخر ما توصلت اليه وكالة الفضاء الامريكية ( ناسا ) و غيرها , حتى تستطيع ان تصور هذا الكون , أن الله عز و جل قد صوره في كلمة واحدة قبل الف و اربعمائة و خمسة و ثلاثين عاما عندما قال في كتابه المبين " و السماء ذات الحُبُك " فصدق الله العظيم و صدق بقوله ايضا ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الاية 53 من سورة فصلت .
فانا استغرب أين عقول هؤلاء الملحدين اليوم و الذين لا يعترفون بوجود الخالق بعد هذا العلم العصري الحديث و من اعظم اكتشافاته الذي يتطابق تماماً مع آيات الله سبحانه و تعالى .
فسبحان الله و صدق الله العظيم بقوله ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ- النحل 88 ).