المضمون دولة الحدود المؤقتة .. والاسم «مبادرة السلام العربية»

تم نشره الجمعة 29 آذار / مارس 2013 02:06 صباحاً
المضمون دولة الحدود المؤقتة .. والاسم «مبادرة السلام العربية»
عريب الرنتاوي

استيقظ القادة العرب على أهمية إعادة بعث وإحياء مبادرتهم للسلام مع إسرائيل التي سبق لهم أن طرحوها لأول مرة في بيروت في قمة العام 2002، وظلت تتنقل منذ ذلك التاريخ، كالجثة الهامدة، من قمة إلى قمة، ومن عاصمة إلى أخرى.

هذه المبادرة أثارت في حينها غضب القوى التي صعدت إلى السلطة على أجنحة “الربيع العربي”، لكن حضور ممثلي هذه القوى بالأمس، رؤساء دول الربيع العربي اليوم، لم يحرك سطراً واحداً، لا في المبادرة ولا في المسعى المحموم لإحيائها، فجاءت مقررات القمة بهذا الشأن، متخففة من أثر الربيع وتداعياته.

لكن المبادرة التي يُراد إحياؤها، بمبادرة وريادة قطريتين، يعاد طرحها في سياق سياسي إقليمي ودولي مغاير عن السنوات الماضية..فهي من جهة، تأتي لتؤكد التزام أنظمة وحكومات الربيع العربي بما أبرمته النظم والحكومات البائدة من معاهدات واتفاقات ومبادرات..وهي من جهة ثانية، تأتي للتغطية والتعمية على الانشغال الرسمي العربي، بكل ملفات المنطقة، ما عدا الملف الفلسطيني..وهي من جهة ثالثة، وهذا هو الأهم، تأتي لمواكبة التحرك الأمريكي على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي والذي انتعش مع بدء جولة باراك أوباما الشرق أوسطية، الأولى في ولايته الثانية.

وليس غريباً والحالة كهذه، أن نعود لأحاديث “ترشيق المبادرة وتحديثها”، وهي العبارات الملطفة للقول بضرورة تضمينها المزيد من التنازلات في بندين اثنين: الأول، التخلي عن حق العودة، والثاني، التطبيع قبل التوقيع..وفي ظني أن إثارة دخان كثيف وضجيج يصمّ الآذان عن المبادرة وحولها، إنما يُراد به، توفير “شبكة أمان” للمشروع الذي جاء أوباما لتسويقه في المنطقة، وهو استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، أي من دون وقف الاستيطان أو حتى تجميده، ومن دون مرجعيات محددة وجداول زمنية قطعية.

سيقول العرب الرسميون أن السير على الطريق التي رسمها أوباما، أنما سيفضي إلى إنفاذ المبادرة العربية، التي ترسم سقفاً محدداً للحل النهائي، وهذا ادعاء زائف ومضلل، فأوباما ليس في وارد طرح ملفات الوضع النهائي على مائدة المفاوضات التي قد تلتئم قريباً، وإسرائيل حرصت على استبعاد موضوعي القدس واللاجئين من جدول الأعمال، والتقارير الاسرائيلية تتحدث عن ضم اسرائيل الواقعي لما يقرب من 37 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، للاستيطان ومجاله الحيوي.

كما قلنا في معرض التعليق على ما حملته جعبة أوباما الفلسطينية، وحتى قبل أن يأتي الرجل..قلنا أن لا مبادرة لديه، وأنه حركته تراوح ما بين حدين: أكثر من إجراءات بناء ثقة وأقل من مبادرة للحل النهائي، وها هي التسريبات عن محادثاته في فلسطين والأردن وإسرائيل، تؤكد ذلك، وتصل في حدها الأقصى (أحسن السيناريوهات) للعودة إلى ما كان عليه الحال قبل 28 أيلول 2001، أو توسيع نطاق (المناطق ب) بموجب تقسيمات أوسلو، فضلا عن إطلاق سراح بعض المعتقلين والإفراج عن بعض المال والدعم الاقتصادي للسلطة الفلسطينية الجائعة والمجوّعة.

لقد رأينا كيف بدأت الأموال تسري في “قنوات الدعم المالي” للسلطة..واشنطن تفرج عن 500 مليون دولار، والاتحاد الأوروبي يُسيّل دفقات جديدة من دعمه المالي، وقطر تتعهد بربع مليار لصندوق القدس من أصل رصيد يبلغ المليار دولار كما قررت القمة، ونتنياهو يقرر العودة على تجميد أموال الضرائب الفلسطينية والانتظام بتحويلها للسلطة.

“المال” هو البديل الوحيد، إلى جانب إجراءات بناء ثقة لا ثقة فيها ولا في فعاليتها..كل ذلك مقابل صرف النظر عن شرط (مطلب) وقف الاستيطان، والعودة إلى المفاوضات العبثية إياها، واستعادة روح أوسلو وحلوله المؤقتة والانتقالية والمرحلية وغموضه غير البناء وسياسة الخطوة خطوة..ومن دون أن يكون هناك ضوء في نهاية النفق، او خط نهاية لهذه اللعبة / المقامرة.

التحرك العربي المفاجئ بالمبادرة وحولها، يأتي في سياق التغطية والتعمية على هذا المسار، وبهدف تقديم سلم للقيادة الفلسطينية إلى جانب السلم الذي وضعه الرئيس الأمريكي على مدخل المقاطعة في رام الله، لتمكين الرئيس عباس من الهبوط من على قمة الشجرة التي صعد إليها قبل ثلاث سنوات، بعد خطاب القاهرة الشهيرة.

من هذه النافذة في قرارات القمة العربية، سوف يتسرب مشروع “الحل المؤقت والانتقالي الجديد”..وتحت جناج مبادرة السلام العربية، سيجري تسويق دولة الحلول المؤقتة، وما لم يؤخذ من الفلسطينيين بالضغط والإكراه، سيجري العمل على أخذه منهم، بوسائل “الاحتواء الناعم” والإغراء المزدوج، للسلطة وحماس على حد سواء، طالما أن المايسترو هو نفسه، وهو الحاضن لحماس ومشروع المصالحة، وهو صاحب مبادرة الصندوق وإحياء مبادرة السلام، وقمة المصالحة المصغرة.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات