رسالة من الحزب الوطني الدستوري إلى أصحاب القرار
المدينة نيوز - خاص - وجه الحزب الوطني الدستوري رسالة إلى أصحاب القرار استنكروا فيها إجراء انتخابات نيابية في ظل القانون الإنتخابي الحالي، وتهديد الحكومة لمفاهيم الإنتماء والولاء، وصل المدينة نيوز نسخة منها الجمعة وتاليا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان صادر عن الحزب الوطني الدستوري برسالة الى سلطة القرار
التزاما من الحزب الوطني الدستوري بالمسؤولية الوطنية و المصالح العليا للأردن , و على ضوء التحولات التاريخية العميقة في منطقتنا العربية , و المخاطر المباشرة على الأردن بانهيار الدولة السورية كزلزالٍ يهزُّ المشرق العربي , و ما يرافقه من ظروف اقليمية و دولية بالغة التعقيد , التي بمجملها تضع الإقليم في مسارٍ مشحون ٍ بالتقلبات و المفاجآت غير المسبوقة , و التي تُمهد جميعها لنظامٍ اقليميٍ جديد تتولد عنه أنماطٌ جديدة في العلاقات العربية- العربية و الاقليمية و الدولية ,لتضع المنطقة في سياقٍ تاريخي جديد و غير مسبوق منذُ نهاية الحرب الكونية الثانية .
و على ضوء المشهد الوطني القائم الذي تغلب على تفاصيله حالةٌ من الإرتباك و القلق ,الأمرُ الذي يضع الأردنيين على حافة السؤال الصعب و المصيري حول دولتهم و منجزاتهم الوطنية و حاضرُ وجودِهم و مستقبلهم .
الحزب الدستوري مع قطاعاتٍ واسعةٍ من الرأيِ العام الأردني يقرأ المشهد الأردني بواقعه الآتي :
1- إجراءُ انتخاباتٍ نيابية في ظلِ قانون و نظام انتخابي لم يحقق التوافق الوطني مما أوجد حالةً من الانقسام السياسي و الاجتماعي و الوطني .
2- وجود برلمان حجم تمثيله الشعبي لم يتجاوز نسبة 15% ممن يحق لهم الانتخاب و هذه مجموع أصوات الفائزين .
3- عجز الحكومات عن اجراءِ انتخاباتٍ بلدية و تخبطٍ في قانونها و فكها و دمجها في حين أنّ الأردن من أعرق دول المنطقة بوجود بلدياتٍ منتخبة منذ عام 1920 .
4- رؤى ملكية في كتب التكليف للحكومات المتعاقبة لم تبلورها الحكومات الى سياساتٍ عمليه و ترجمة على أرض الواقع يلمسها الناس و يشعر بها المواطن , مما انعكس على مسيرة النهوض الوطني .
5- إضعافُ نصف الحكم المتمثل بالبرلمان , حيث أنّ نظام الحكم نيابي ملكي وراثي , و هما الثابتان في الدستور الأردني ,فإضعاف البرلمان بدوره الرقابي و التشريعي كممثلٍ للإرادة الشعبية و مصدرٍ للسُلطات جعلَ من البرلمان سلطةً ديكوريةً , و لتكونَ البرلمانات شريكاً حقيقاً فيما وصلت اليه البلاد .
6- يؤكّد الحزب أن إضعاف البرلمانات لم يتوقف عند حد التلاعب بالانتخابات و إنَما بالإبقاء على قانون الصوت الواحد المجزوء , في حين أن المملكة كانت حتى عام الاستقلال 46 : ثمانية دوائر انتخابية و بقيت 16 عشر دائرة انتخابية حتى عام 89 .
7- بروز ظاهرة تكبير الصغار في ادارة شؤون الدولة و تغييب رجالات الدولة مما انعكس على دور الدولة التاريخي و علاقتها بشعبها .
8- بروز ظاهرة تهدّدُ الدولةَ بوجودها لمفاهيم الانتماء و الولاء ,و محاولاتِ تأصيل ديمقراطية الموافقة بديلاً للمشاركة , و اعتبار معارضة السياسات الحكومية من قبل المعارضة الوطنية المنتمية و الملتزمة على أنّها معارضةٌ للحكم و خروجاً على الثوابت الوطنية , و هي حالةٌ غير مسبوقة في تاريخ الدولة السياسي , مع تأكيد أن الجمود من أكبر المخاطر على بقاء الدول و استمراريتها .
9- اهتزاز مركز الدولة القانوني , فالعديد من التشريعات تخالف أحكام الدستور علاوةً على عدم أخذها بالواقع الاجتماعي بكافة ظروفه و الأمثلة لا حصر لها . و من نافلة القول أن تعريف الدولة الديمقراطية هي الدولة التي لا تخالف قوانينها أحكام دستورها .
10- غياب الشفافية عن برنامج التحول الاقتصادي و الخصخصة و ادارته من قبل مجموعة ادّعت الليبرالية الاقتصادية , و لم تأخذ بالآثار و الأبعاد الاجتماعية و اختطفت القرار السياسي و أدارت الدولة بعقلية الشركة و ليس بعقلية الدولة , و انعزلت في برجٍ عاجي و لم تتقبل نقداً أو رأياً و هي المسؤولة عن إظهار أنّ الدولة فاسدة , مما شكل اعتداءاً صارخاً على تاريخ الأردنيين و دولتهم .
11- إن النهج الاقتصادي الذي سادَ و سياساتٍ حكومية معزولة في مكاتبها أوجد حالةً من الانفصال بين الدولة و المجتمع , مما أدى الى ضمور القواعد الاجتماعية و ضعف انتمائها للدولة , مما كان له انعكاساً مباشراً على عصبية الدولة و شوكتها على اعتبارَ أن الشعب الأردني لم يكن يوماً و لن يكون مجتمع نخب .
12- تردّي الجهاز الإداري الحكومي الذي هو عصب الدولة و عمودها الفقري و انعكاس ذلك على نوعية الخدمات المقدمة للمواطنيين في كافة مناطقهم , هذا الجهاز الأكفأ و الأعرق و النموذج على مستوى المنطقة . و الجهاز الأضخم على مستوى العالم بالنسبة لعدد السكان و الذي اُرهق بالواسطة و المحسوبية و الشللية و قانونُ ادارةٍ عامة مثقلٌ بأنظمة و تعليمات مضى عليها خمسون عاماً . و مما زاد الطين بِلّة تفشي ظاهرة الولاء العامودي في مؤسسات الدولة على أساس الولاء الشخصي و الجهوي و الفئوي و على حساب المؤسسية و الكفاءة و الانتماء للدولة و الولاء للمؤسسة .
13- مستقبلُ الشباب الأردني الى أين , في فرصة العمل و الحياة الكريمة , و الحوار نحو حلول بايجاد مشاريع وطنية كبرى غير تقليدية , تلتقي و تتوافق عليها الناس لإستيعاب مشكلة البطالة .
14- سؤالٌ صعب يتداوله الأردنييون و ما يلحظه في السياسات الحكومية : هل صحيح أن الأردن لا يعيش و لا وجود له الا بالمساعدات و المنح الخارجية , و هل الأردن دولة ارتزاق بلا موارد و لا ثروات , و متى يتم تحديد الخريطة الجغرافية للثروات الطبيعية و استغلالها , و الموقع الجيوسياسي الذي يشكّل نقاط قوّة للمصالح الحيوية الأردنية مع كافة القوى ذات التأثر العالمي و الإقليمي .
15- غياب الخطط التنموية عن برامج الحكومات على غير ما عهدته الدولة بخططها الخمسية و العشرية , حتى أصبح الشعب الأردني لا يرى في حكوماته الا أنها حكومات لوضع الأسعار , الذي هو اختصاص قسمٍ اداري في وزارة الصناعة و التجارة , و هل تدار الدولة و مصالح الأوطان بلغة الأرقام فحسب .و الحزب أهمية استقلال القرار الوطني مما يتطلب حواراً جاداً حول النهج الإقتصادي و الوضع الإقتصادي برُمّته.
16- غياب المستقبل الزراعي و الصحي و التعليمي و الجامعي و غيرها الكثير , فالإمكانيات كبيرة و لكنّ غياب الرؤيا و سوء الإدارة هو المُعيق و هي المؤسسات التي أبدع الأردنييون بانجازها , فمتى يتم تطبيق التأمين الصحي الشامل للمواطنيين و المستشفيات و المراكز الطبية تغطي مناطق المملكة ,و يزيد عن ذلك أنّها تخدم الاشقاء و الأصدقاء خارج حدود الوطن , و الى متى رؤساء الجامعات يعلنون عدم قدرة جامعاتهم على دفع رواتب موظفيها , و متى يفتح ملف الجامعات و معالجة الخلل , و لماذا اهمال الحكومات للقطاع الزراعي و غياب الاستراتيجية الوطنية لهذا القطاع و تعمّد ان الاردن بلد غير زراعي في وقت أن الأمن الغذائي جزءٌ من مفهوم الأمن القومي للدول إضافةً لقدرته على استيعاب عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل .
17- مشاهد الجلسات النيابية و المشاورات الحكومية المكوكية وضعت المشهد و كأن الأردن إحدى الدول الاسكندنافية , لا توجد على حدوده حروبٌ أهليةٌ طاحنة تهدد بزوال الدول و أحلام يهودية الدولة و الكيان الإسرائيلي , و صراعاتٍ اقليمية تطرق بعنف حدودنا المفتوحة , و السادة النواب مختلفون على جنس الملائكة , و الرئيس المكلف يصارع التكليف بالإسترضاء و الترغيب و وعود مستقبلية بالتوزير , وكأن قضية الوطن بأوضاعه الداخلية المأزومة اقتصادياً و اجتماعياً و سياسياً , و تحديات النيران الملتهبة على حدوده أصبحت من يكون وزيراً سواءً على قاعدة المساومة أو المزاد , و الحكومة القادمة هل سترفع الكهرباء أم تخفض صفيحة البنزين , ألا يضع هذا المشهد السلطة خارج سياق المرحلة التاريخية و منعطغها الحاد على الوطن هويةً و وجوداً ؟
18- لتتسائل قطاعاتٌ واسعة تعمل بالشأن العام : الأردن أين, و الى أين ؟ , فالمرحلة أحوج ما تكون للمصارحة و الوضوح و التعامل مع الحقائق و الوقائع كما هي على أرض الواقع , و لدينا من التجارب التاريخية ما تجاوز به الأردنييون المراحل الصعبة بأردنٍ أقوى و أبقى ضمن شروط التجربة الأردنية التي لا نرى في المشهد الوطني صورةً لها .
19- يجتهد الحزب الوطني الدستوري أن خارطة الطريق تبدأ بتشكيل لجنةٍ ملكية على غرار لجنة الميثاق الوطني , تضمُّ كافة القوى الحزبية و السياسية و الوطنية و الاجتماعية دون اقصاءٍ أو الغاءٍ أو تهميش و بعيداً عن الاستقواء أو المزاودة , للبدء بالحوار الوطني الشامل تُحدّد فيه القضايا ذات الأولوية من جوانب الإصلاح وصولاً الى برنامجٍ وطني ٍ تُحدّد فيه آليات التنفيذ بالجدول الزمني ليكون التوافق الوطني و الاجماع الشعبي استراتيجية دولة يتحرك الجميع فيها كاطارٍ مرسوم بالمسؤولية الوطنية من الجميع و بما يحقق تلاحم الجبهة الداخلية وصلابتها في مواجهة كافة التحديات داخلية و خارجية , بموقفٍ وطنيٍ موّحد , و ترجمة مفهوم الثورة البيضاء من خلال الدولة الناجحة على مستوى الداخل , و مجابهة التحديات الخارجية بكل احتمالاتها من خلال الدولة الفاعلة بقاعدةٍ شعبيةٍ سياسية تُشكّلُ حزاماً واقياً للرأي العام الأردني نحو أهداف الدولة الأردنية و استراتيجيتها و لِتنهض القيادة بمسؤوليتها التاريخية بما يدفع العاديات عن شعبها و يحفظ الأردن هويةً و نظاماً .
عمّان – 29\3\2013 الحزب الوطني الدستوري
الأمين العام
الدكتور أحمد الشناق