روح المساواة وريحها
حين تحاكي قوانين حقوق الانسان كتاب الله وسنة رسوله تفقد التفسيرات المتخلفة للدين الاسلامي مبرراتها واسانيدها وتتحول الى شكل من اشكال اللغو والكلام الزائد عن الحاجة .
ولان العلاقة بين الجنسين احدى القضايا الشائكة في مجتمعاتنا التي تخلفت عن الفعل الحضاري منذ قرون تدخل المرأة في صلب هذه المحاكاة .
ينص الاعلان العالمي لحقوق الانسان مثلا على ان جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق .
ويؤكد على أن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين أو المولد .
عالج الاعلان التاريخي الذي صدر في العام 1948 قضية التمييز ولم تأت هذه المعالجة من فراغ فهي نتاج ثقافات وقيم انسانية ممتدة الى بدء الخليقة وشروع الانسان في التفكير .
ولا يعجز المرء عن ايجاد ما يمكن ان يستند اليه هذا الاعلان الاممي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة .
في كتابه العزيز يقول عز وجل " يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ليسمي بذلك الاشياء باسمائها ولا يترك مجالا للتأويل الرغائبي . المقصود به حرمان النساء من الحقوق التي منحها الله لهن .
ففي هذه الاية وضع الدين الاسلامي الرجل والمرأة على قدم المساواة باعتبارهما شريكين في ظهور السلالة البشرية .
المسلمون الذين يعنفون المرأة مثلا ، يجهلون او يتجاهلون تعاليم دينهم ، للقيام بممارستهم الهمجية ، التي تخلو من اي حس انساني وتنتمي للعصر الجاهلي ، دون تأنيب ضمير .
يفوت هؤلاء عندما يمارسون عنفهم ان الدين الاسلامي حرم وبشكل واضح دونما لبس ممارسة وأد البنات التي كانت دارجة في الجاهلية خوفا من الفقر والجوع وعار السبي .
كما حدد الدين الاسلامي بوضوح نظرته الى طبيعة العلاقة بين الازواج حيث يقول تعالى في كتابه العزيز "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ".
وبذلك لم يكتف الدين الاسلامي بتحريم قتل المراة الذي كان سائدا في الجزيرة العربية فقد حدد ايضا طبيعة العلاقة بين الازواج والتي تقوم على المودة والرحمة وبالتالي تخلو من الممارسة العنفية .
يؤكد الدين الاسلامي على حق كل انسان في الحياة ، وان يعامل باحترام ، دون تمييز بسبب جنسه ، سواء كان ذكرا ام انثى ، ليكرس حقيقة انه احد اهم روافد القوانين المعنية بالارتقاء بالانسان ، وقوننة حقوقه ، للحيلولة دون الانتقاص من انسانيته ، ففي تعاليمه روح المساواة ، وفي تنفيذ هذه التعاليم ريحها التي تدفع الاشرعة نحو بر الامان .