من يجرؤ على حجب الثقة؟

سينتف النواب ريش الحكومة ريشة ريشة، ولن يتركوا شاردة أو واردة حول عبدالله النسور، منذ أن قال لأهالي البلقاء "أوصلوني العبدلي وسوف ترون أفعالي..." إلاّ وسوف ينفخون فيها، ويكشفون كل كواليس جلسات الحوار بينهم وبين الرئيس في فترة المشاورات، وجبال الوعود التي وضعت في جيوبهم خلال المشاورات، على أمل الحصول عليها بعد الثقة البرلمانية.
غضب شديد ينتاب النواب، كتلا ومستقلين، بعد الإعلان المفاجئ عن الحكومة وأسماء أعضائها، بعد أن اكتشف النواب أن النسور لم يستوعب عشرات الأسماء التي أمطروه بها، ترشيحا للوزارة، أو للمناصب العليا المقبلة والتي فرغت مقاعدها بعد التشكيل الوزاري.
أكثر ما أغضب النواب تلك التصريحات التي أدلى بها الرئيس للصحافيين في باحة قصر بسمان، وبعد دقائق من القسم الدستوري، وفيها أعلن تعديلا وزاريا مرتقبا بعد أشهر لإفساح المجال أمام النواب للدخول في الحكومة.
هذه التصريحات المتذاكية جدًا، فسرها النواب بأنها استخفاف بهم، وأن الرئيس قصد إحراجهم أمام قواعدهم الانتخابية، وتصويرهم بأنهم طامحون إلى الدخول في الوزارة مهما كان الثمن، إضافة إى محاولة استغفالهم من أجل الحصول على الثقة.
سوف نشهد أسبوعا ناريًا من الخطابات غير المسبوقة من قبل النواب، بعد أن منحهم الرئيس ذخائر عديدة يقصفون بها الحكومة، وقلة قليلة من النواب سوف تقف وتتكلم بعقل بارد، حول التشكيل الحكومي، الذي مهما اختلفنا على آليات تشكيل الحكومات، والحكومة هذه بالذات، فلا أحد ينكر أن في التشكيلة الحالية كفاءات لا غبار عليها، ووزراء مجربين ذوي اختصاص، تذمّر القطاع الذي كان يشرفون عليه بعد مغادرتهم الوزارة، كما أن السيرة النظيفة معيار رئيسي في التشكيلة الحالية، ولا يوجد وزير في الحكومة طُرح اسمه في يوم من الأيام، بين الأسماء التي تدور حولها شبهات فساد، أو تم إعدامه شعبيا في المسيرات والوقفات الاحتجاجية.
ليست حكومة مثالية، صحيح، وليست الحكومة التي من الممكن ان تقود البلاد في هذه المرحلة الحساسة، أيضا صحيح، فهي من دون مرشد سياسي حقيقي، حيث غاب الوزير السياسي عنها، لا أدري بقصد، أم من أجل الترشيق، مع أن المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد والمنطقة، تحتاج إلى الوزير السياسي الذي يستطيع أن يقرأ المستقبل جيّدًا، ويساهم في صنع خرائط طريق للبلاد تخرجها من جبهات النار المتوقعة.
أسبوع خطابات الثقة سوف يكون صعبًا وقاسيًا على الحكومة، وعلى رئيسها بالذات، وقد بدأ التهديد مبكرا من قبل نواب بحجب الثقة، وهناك نواب مُقرِّرون الحجب عن الحكومة الحالية أو أية حكومة أخرى، وهناك نواب لا يؤمنون بفكرة حجب الثقة فهي خارج قاموسهم السياسي، خوفا على مصالحهم، مع الحكومة الحالية أو غيرها، وهناك نواب يخضعون للتجربة للمرة الأولى سوف يتذوقون طعم الحجب الذي يدغدغ عواطف ناخبيهم، وقواعدهم، لكن مهما كانت القراءات، فلا أحد يتوقع أن يصل الرفض والهجوم على الحكومة إلى مستوى عدم حصولها على الثقة البرلمانية، والنسور، بصفته بدأ معلم رياضيات، فلا يرغب بالعلامات المتفوقة، ويكتفي بالنجاح، حتى لو كان على رأي أستاذنا الفاضل، أطال الله في عمره، سلمان الفضيان، يُرفَّع إكراما لوالديه. ( العرب اليوم )