ما زلنا في إرهاب " الثقافة "
اكتب هذا المقال عن تجربتي مع المكتبة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة( و هي الصرح الكبير الذي يفخر به كل مواطن لأنها ستكون ذاكرة وطن ), حيث انتهيت مؤخراً و بكل فرح و سرور، من كتابة تجربتي في هذه الحياة ،في كتاب خاص هو الأول لي أسميته :" حياتي " من قاع الفشل و محاولة الانتحار ... الى الاستقرار .
و طبقا لشروط النشر ذهبنا لأخذ رقم ايداع من المكتبة الوطنية للقيام بطبعه ،وعند ذلك طلبوا منا ان ننتظر وقتاً للرد على ذلك , و انتظرنا الاسبوع الاول ثم الثاني و الثالث دون أن نتلقى أي رد من المكتبة الوطنية .وعند مراجعتهم قالوا أن هنالك لجنة ملكية يجب أن يعرض عليها و ذلك لوجود كلام عن العائلة الهاشمية .
استغربت واستهجنت ذلك ،وبعدها ذهبت انا و صديق لي من وزارة الثقافة عند عطوفة مدير المكتبة الوطنية لإحساسنا ان هناك إهمالاً من الموظف المسئول , و للأسف أكد ذلك و قال ان هناك أوامر من رئيس الوزراء ، بأن لا يصدر اي كتاب اذا احتوى على كلمة واحدة عن العائلة المالكة سواء كانت ايجابية ام سلبية الا بعد مراجعته من اللجنة الملكية المعنية بذلك .
و هنا بدات اتوجس خيفة و قلقاً ، و راجعت الكتاب عدة مرات ،و لم أجد سوى بعض المواقف الايجابية و هي من ذكرياتي الحياتية ،و خطرت ببالي أنه عندما يكون هناك روتيناً حكومياً او شيئا غير قانوني أو شيئاً غير منطقي ،العبارة القائلة ( ان هناك أوامر من فوق ) و اتعجب انه في هذا العصر ... عصر الانترنت واليوتيوب والفيسبوك والفضائيات التي في دقائق يكتب المرء و يقول و ينشر ما يشاء بكامل حريته للتعبير عن رؤيته و وجهة نظره بدون تدخل اي فرد ، نعامل بهذه الطريقة المتخلفة من طرف وزارة الثقافة فأتساءل : أي ثقافة و أي رقابة تلك ؟
أحسست أن العملية ما هي إلا إرهاب ثقافي من مخلفات العصر الماضي ،عصر الاحكام العرفية و التي عايشناها مع المخابرات ،و كان إرهابا واقعياً في نفوس الناس ،إذ كان الكل يحسب حسابا لها، و لكن الحمد لله رب العالمين , خف و إنتهى ذلك الارهاب من النفوس و خاصة بعد اندلاع الثورات العربية و الربيع العربي، ذلك الاحساس البغيض و المقيت و ربما زاد ذلك في نفسي هو وجودي في حزب سياسي أردني ( حزب الحياة ) و الذي جعلنا على احتكاك مع هذا الجهاز لان كل الاحزاب مرتبطة بوزارة الداخلية قانونياً .
بحيث تعودنا عليهم و على معاملتهم و اخلاقهم الحسنة التي لم تكن في اذهاننا سابقاً و لكن للأسف و من تجربتي في كتابي و الذي الى الأن لم أحصل على رقم ايداعه مع انه كتاب عادي و لا يوجد فيه صفحة واحدة تعادل مما ورد في كتاب ( أسد الأردن ) للمؤلف الاسرائيلي - اليهودي ( آفي شلايم ) و الموشح بصورة لجلالة الملك الراحل الحسين ليوحي ان ظاهره الرحمة و لكن بعد ان قرأته وجدت ان باطنه فيه كل المصائب و العذاب
عندما راجعت عطوفة مدير عام المكتبة الوطنية في ذلك ،قال ان الكتاب كان ممنوعاً و عندما نشر عالمياً تمت الموافقة على نشره في المكتبات الاردنية و خاصة في مركز الكتب الاردني .
أتمنى أن ننتهي من هذه الإجراءات البالية و المنتهية صلاحيتها في عصر الحرية و الاعلام و التي كفلها جلالة الملك بقوله ان الحرية سقفها السماء . و اعتقد ان هذه اللجنة لو كانت برئاسة جلالة الملك لإنتهينا بأخذ رقم الايداع منذ مدة .