مناطق منكوبة عمداً

هناك حالة يصعب فهمها، فكيف تفكر الحكومة في إعلان شمال المملكة منطقة منكوبة وتسمح في الوقت نفسه باستمرار تدفق اللاجئين السوريين، فهل المقصود نكبة شمال المملكة عمداً ثم توسيع نطاق النكبة.
وإذا صح أن كلفة استضافة اللاجئين السوريين تبلغ مليار دولار كما قدّر رئيس الحكومة وليس 7ر2 مليار دولار سنوياً كما حسبناها، فإن المطلوب في هذه الحالة أن تقدم الحكومة كشفاً بالمساعدات الخارجية التي وردت لمساعدة الأردن في تحمل أعباء اللجوء السوري الكثيف.
الرئيس الأميركي وعد بأن يعمل مع الكونجرس لعله يوافق على دفع 200 مليون دولار لهذا الغرض، ولم يتقرر التبرع بعد، وليس معروفاً ما إذا كان سيتحقق أو لا يتحقق، علماً بأنه لا يشكل سوى نقطة في الدلو.
هل تريد الحكومة أن تعتمد في مواجهة الأزمة على الاقتراض، خاصة وأن أميركا وافقت على كفالة قرض بمبلغ هائل يوفر علينا في أسعار الفائدة، ولكنه لا يوفر شيئاً في أقساط التسديد، ويعطي أميركا الحق في التأثير على السياسة المالية في الأردن لأن من حق الكفيل أن يتأكد من حسن سلوك المكفول والتزامه بالشروط وقدرته على التسديد.
لدينا فريق اقتصادي متميز ولكنه لم يتحرك إيجاباً أو سلباً، ولم ينطق ببنت شفة، فما رأيه فيما يجري طالما أن السكوت يعتبر بمثابة رضى وموافقة، أم أنه يعتبر أن القرار سياسي وفوق مستوى الفريق الاقتصادي.
تركيا دولة صناعية، واسعة جغرافياً، ويزيد سكانها عن 13 ضعف سكان الأردن، ويعادل اقتصادها 31 ضعف الاقتصاد الأردني، ومع ذلك أوقفت تيار اللجوء السوري وبدأت في إعادة اللاجئين السوريين مع أن عددهم في تركيا لا يزيد عن ربع عددهم في الأردن.
يحصل هذا مع أن تركيا طرف في الحرب الدائرة في سوريا، ولها موقف صريح ضد النظام السوري، مما يرتب عليها مسؤوليات تجاه اللاجئين السوريين أكبر مما يتحمله الأردن الذي يأخذ (رسمياً على الأقل) سياسة عدم التدخل.
لبنان أعلن حالة الطوارئ وحشد جيشه على الحدود، مع أن حصته تتكون من أغنياء سوريا. تركيا أغلقت الباب وبدأت بإعادة اللاجئين. الذين لجأوا إلى العراق تم قتلهم بالجملة وعادوا إلى سوريا جثثاً، أما الأردن فإنه لا يفتح الباب على مصراعيه فقط، بل يقوم بنشاط إعلامي مكثف لتنشيط اللجوء واجتذاب اللاجئين ونشر الصور عن تقديم الخدمات الطبية والإنسانية، ومناظر الجنود وهم يحملون الأطفال ويقودون الجموع إلى مراكز الإيواء (المعدة لهم) حسب التعبير الرسمي. ( الرأي )