زكي بني ارشيد يكتب : المفكرون الجدد
المدينة نيوز - كتب نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني ارشيد - في لحظة الانسداد او الاستعصاء وتعمق الازمات التي تشكل تحديا وجوديا وتنذر بالافول والزوال او طمس الهوية الحضارية تبرز اهمية العقل القادر على التفكير خارج النمط التقليدي لتجاوز اثقال المرحلة وفتح افق جديد في فضاء الكون الواسع, وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر, والبدر لا يظهر دائما ولا يتولد الا مرة كل شهر, وعند غيابه تظهر افلاك وكواكب وعلامات وبالنجم هم يهتدون,
ليس مطلوبا من المفكر ان يقدم للجمهور ما يرضيهم اوينال اعجابهم على نحو ما تقدمه برامج ما يطلبه المستمعون او المشاهدون في الاذاعات او الفضائيات, ولكنه يتميز بقدرته على صناعة الراي العام ومواجهة العادة والمالوف, انها مهمة التغيير وما اصعبها من مهمة فهي وظيفة الانبياء والرسل والمصلحين, دورهم ان يواجهوا اعرافا وتقاليدا خاطئة تكونت عبر سنوات طوال وعادات تشكلت بمورث الاباء والاجداد الم يقل الاولون الذين عبدو الاوثان من دون الله : " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على اثارهم لمقتدون" .
الذي دعاني لاستحضار هذه المقدمة ما يكتبه بعض الذين ينتسبون الى الفكر والعلم والمعرفة ويحملون ألقابا متميزة, ولكن كما قال الشاعر:
القاب مملكة في غير موضعها كالقط يحكي انتفاخا صولة الاسد .
قبل أيام كتب أحدهم ينعى المقاومة في فلسطين بعد ان ذكّرنا بغطرسة الاحتلال الصهيوني والتوسع الاستيطاني وسياسة التهويد للمقدسات تسآل بسخرية عن بقايا أطلال المقاومة التي لم يبقى منها إلا صورة فلكلورية او فرقة غنائية تغني للوطن وتلعن الاحتلال.
لا ليس الامر كذلك فالمقاومة ابتدأ هي ارادة التمرد على الظلم والتعسف والاحتلال, وعقل يقود ويحدد متى واين وكيف؟ وادارة تبني وتصنع القوة واصبع على الزناد ليحمي الحق ويحقق الامن والسلام. اليس هذا معنى الاية الكريمة "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس".
فلا خير في حلم اذا لم يكن له بوارق تحمي صفوه ان يكدرا
لا أدري ماذا سيقول مفكرنا اليوم بعد ان ابدع الثوار نوعا جديدا من المقاومة انها الحرب الالكترونية التي اخترقت حصون العدو وقواعد البيانات والمعلومات في عمق القلعة ؟
صاحبنا لم ير مقاومة في فلسطين ووضع الجميع في سلة واحدة, بعد ان تشابه عليه المظهر, وغاب عنه ادراك الجوهر, وطبيعة الصراع مع هذا العدو الذي يختلف عن غيره باعتباره يمثل طليعة الارادة الدولية, لمعاقبة هذه الامة, والانتقام منها.
صحيح ان السلطة في الضفة الغربية وظيفية مهمتها حفظ الامن الصهيوني وفقا لاتفاقية اوسلوا وقد راينا كيف فعل الصهاينة بالزعيم الفلسطيني الراحل (ياسر عرفات) عندما تمرد على غدرهم واغلالهم ودفع حياته ثمنا لذلك.
في الضفة يقود المرحلة المنسق الاميركي "كيث دايتون" الذي نجح بانتاج الفلسطيني الجديد في قمع المقاومة وحصارها, ليست تنسيقا امنيا وانما وظيفة امنية يقوم فيها المناضلون القدماء بالحماية والحراسة
واما في غزة فقد برزت عزائم الرجال وصمود النساء وتضحيات الشعب وهزيمة الاعداء في الاولى والثانية, فهل هما سواء؟
من اراد ان يعرف الفرق فليذهب الى غزة ليعلم كيف يعيش الناس هناك فوق الارض وتحتها,
ثم ليقارن كيف يكون القهر الصهيوني على الحواجز ونقاط التفتيش وعلى مراى ومسمع من جنود السلطة وضباطها في الضفة الغربية, والفرق كبير بين من حصر خياره في التفاوض والتسوية, وبين من تبنى خيار المقاومة والاعدادوالمواجهة, فهو متحرف لقتال ومتحيز الى فئةِ,
ليسوا سواء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومن اسقط خيار المقاومة وتخلى عن حق العودة ونسي مصطلح التحرير فليس في قاموسه الا التسوية والمفاوضات
فالمفاوضات هي الحياة والحياة مفاوضات,
وفي نظر الشرفاء الخيارات اوسع من ذلك واكبر
فاما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا
انها احدى الحسنيين النصر او الشهادة