حكومة " محجوب لها " وليس "عنها "

بغض النظر عن مآلات الكلام الجاري حالياً، فإن موقف النواب سينقسم كالعادة الى ثلاثة أشكال: منح، وحجب، وامتناع.
من تقاليد العمل السياسي الأردني، أن موقف الامتناع لا يحظى بالعناية الكافية أو التقدير المناسب، مقارنة بالموقفين الآخرين، إن الناس ينظرون للامتناع باعتباره يتضمن الكثير من معاني التردد والتمويه والجبن وقلة الحيلة وانعدام الحزم والجزم، وفقدان القدرة على إعلان موقف واضح، والحرص على البقاء في المنطقة الوسطى، وإعطاء الايحاءات بإمكانية التبديل والتغيير والتقلب، وغير ذلك من معانٍ غير مرغوبة.
كالعادة أيضاً، ينعكس موقف النائب على حالة جماعته من ناخبيه المتابعين، فبينما تتمكن جماعات النواب الحاجبين والمانحين من أن تتواجه بثقة عندما يفتح باب الكلام، فإن جماعات الممتنعين يشعرون بأسى لأن نائبهم لم يمكنهم من دخول المواجهات الكلامية الواثقة، وتجد الواحد من هؤلاء يقول بانكسار وأسى: "زلمتنا امتنع، ولم يستطع أن يكون لا مع ولا ضد".
الجديد هذه المرة احتمال أن يحظى الممتنعون بقدر أكبر من الاهتمام، إذ سيلتحق بهم الكثير ممن يهددون الآن بالحجب، والسبب أن إسقاط الحكومة يتطلب توفر أغلبية من الحاجبين، أي أنه لو امتنع جميع النواب عن التصويت فإن الحكومة تعتبر فائزة بالثقة، وهو ما سوف يزيد الطلب على الامتناع.
إن الممتنع هذه المرة، سيبدو أكثر وقاراً من غيره، فلا هو حجب بالمطلق معرضاً نفسه للّوم الآتي من اليمين، ولا هو منح بالمطلق معرضاً نفسه للوم الآتي من الشمال، إن الممتنع سوف يستمتع بدور مَن يعمل على "رأب الصدع"، لكن المؤسف أن عمله هذا قد يكشف لنا حقيقة أن كل ما يجرى أمامنا هو مجرد "صدع". ( العرب اليوم )