الجواب في «العيادة» النفسية!

تم نشره الخميس 11 نيسان / أبريل 2013 02:36 صباحاً
الجواب في «العيادة» النفسية!
حسين الرواشدة

حين تشعر “بالعجز” عن فهم بعض “السلوكيات” السياسية والاجتماعية التي قفزت على مدى العامين المنصرفين الى مشهدنا العام، تسأل فقهاء السياسة والاجتماع فيغرقونك بالتحليلات لدرجة الغثيان، ولكن يعز عليك ان تظل جالسا في “مقاعد” المتفرجين، او ان تقف في طابور “المنتظرين” او ان تسلم امرك الى “الغيب” دون ان تحرك ساكنا.

كتبت مرّة اننا بحاجة الى سماع وجهة نظر المؤرخ، بعد ان فتحنا اذاننا طويلا لتصريحات السياسي وتأويلاته ، لكن يبدو ان “كلام” المؤرخ مثل كلام السياسي “مسكون” بهواجس كثيرة، تأخذك الى عوالم اخرى لا علاقة لها احيانا بالواقع، كما ان “الاثنين” لا يسعفانك في فهم ما يجري الا بمقدار “الزاوية” التي ينظران منها الى الحدث لدرجة انهما “يتلبسان” الوقائع فيصبحان جزءا منها.

ترى هل حاولت - مثلي - ان تذهب الى عنوان اخر يعينك على فهم ما يجري؟ انا - مثلا - سألت احد فقهاء “علم النفس”، قلت له: كيف يمكن ان نفسر حالة الوجوم التي ترتسم على وجوه الناس، وحالة “الاشتباك” التي رأيناها في الشارع والبرلمان، وحالة “الغيبوبة” التي نعاني منها جميعا؟ كيف يمكن ان نفهم اضطرار الناس الى “الصمت” وانحيازهم للخطأ وقبولهم “بالمطروح” حتى لو كان غير مقنع، ورضاهم على “الفاسدين” وان كشفت ملفاتهم؟

قال لي الرجل كلاما طويلا، فهمت منه اننا نعاني من حالة “اضطراب” نفسي، او ان شئت “اكتئاب” عام، فالناس تشعر بالخوف من الحاضر والقادم، ويراودها “وسواس” قهري يدفعها الى “الارتباك” في المشاعر وفي تحديد الاهداف، والنخب - ايضا - تعاني من الاضطرابات ذاتها، خذ - مثلا - ما نشاهده من عنف في البيوت والشوارع وفي المؤسسات، وما نراه من ارتجال في اتخاذ القرارات، وما نسمعه من “اشتباكات” وصراعات وعدم قدرة على التفاهم والتوافق، خذ - ايضا - حالة “الجمود” التي اصابت حقلنا السياسي، وحالة “التمرد” التي تحولت الى “بروفات” للاستعراض، ومنطق “الاستعلاء” الذي يتعامل به البعض، خذ “حالة” مجتمعنا بتفاصيلها المختلفة، ستجد انك امام “حالة” لا يمكن فهمها سياسيا وانما تحتاج الى “خبير” نفسي ومشارح نفسية ومعالجات نفسية ايضا.

اضاف الرجل: لا تستغرب، في بلدنا نحو مليون شخص يعانون من اضرابات نفسية، ومن تجربتي في العيادة زاد عدد المراجعين الذين يعانون من هذه الاضطرابات في العام الماضي لدرجة مدهشة، كانوا فيما مضى يترددون بزيارة الطبيب، لكنهم الان فقدوا الامل في “الشفاء” بعد ان تعرضوا لضغوطات هائلة فاضطروا للبحث عن علاج.

باختصار، لدينا حالة “اكتئاب” عام، فكل ما يحدث داخلنا وحولنا يدفع الى الشعور بالخوف والحزن والاضطراب النفسي، ارجوك لا تقل لي ان سلوكياتنا يمكن تأويلها او تفسيرها سياسيا، او انها يمكن ان تخضع لحسابات “المنطق” السليم، كل ما نراه يعبر عن “اضطرابات” نفسية تحتاج الى معالجات فورية، الى اطباء لا الى سياسيين، الى منطق احترام وتعزيز وتقدير لا الى مجرد “عقاقير” مسكنة او تصريحات مجاملة.

حين فكرت فيما قاله صديقي الطبيب النفسي، فهمت اننا نمرّ في مرحلة “انتقالية” تحتاج الى اعادة النظر في اخلاقياتنا وسلوكياتنا، والى معالجات حقيقية تضعنا على “مشرحة” الاعتراف “بالمرض” والاصرار على الخروج منه بارادة اقوى، واصرار اشد. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات