دنياي تنهار حولي

تم نشره الأحد 14 نيسان / أبريل 2013 03:58 صباحاً
دنياي تنهار حولي
جهاد الخازن

ماذا بقي من الوطن العربي؟ كل ما هو جميل وواعد مهدد أو مضى وقضى لتخلفه بشاعة ويأس. لا أصدق، أو لا أريد أن أصدق، أنني أصف اليوم وطني، وأتمنى أن تثبت الأيام المقبلة أنني أخطأت.

لا أكتب تحليلاً سياسياً، ولا أحاول أن أطلع بنظرية اقتصادية أو اجتماعية جديدة، ولا أتوكأ على ما سمعت من هذا المسؤول أو ذاك. أريد فقط أن أترجم ما في القلب والعقل بكلمات، وأنا أرى الدنيا، أو دنياي، تنهار من حولي.

لا أتصور نفسي من دون مصر وسورية وكل بلد عربي. لا أستطيع أن أكون لبنانياً فقط. فالبعد العربي جزء من حياتي وهي من دونه الموت واقفاً على قدمين.

هل أستطيع أن أقول عن مصر شيئاً لا يعرفه القارئ، وهو يراه بالصوت والصورة كل يوم.

الاقتصاد المصري صفر، وتسعون في المئة من المواطنين يعانون. وكان فريق من صندوق النقد الدولي زار مصر وعاد إليها، وهناك مفاوضات على قرض بمبلغ 4.8 بليون دولار، من شروطه وقف الدعم الرسمي لسلع أساسية، أي قوت الشعب. وهكذا الحل لمشاكل اقتصاد مصر 4.8 بليون دولار في بلاد يسكنها 90 مليون مواطن. هو مبلغ يكفي لأسبوع أو اثنين، ويبقى أن يجد حزب الحرية والعدالة ما يكفي لخمسين أسبوعاً آخر في السنة.

كل شيء في مصر انتقل من سيئ إلى أسوأ ثم إلى أسوأ منه في السنتين الأخيرتين. وأتجاوز انهيار الأمن واختناق حركة المرور، وأجد أن فن المعاكسة سقط مع ما سقط، فبعد يا قشطة، ويا مهلبية، أصبحنا أمام تحرش واعتداء واغتصاب، فالجدعان الذين وجدوا أن غاية الدين أن يحفوا شواربهم لا يستطيعون حل أي مشكلة فيغتصبون بنات بلدهم، وثمة أخبار كل يوم هي من الإيلام أنني أرفض الغوص فيها، فلا أقول سوى أنني لم أتصور في حياتي أن تعتدي مجموعة من الرجال المصريين على شابة مصرية في ميدان التحرير. هل هو تحرير الذكور من الأخلاق والشهامة والطيبة؟

الوضع في مصر سيئ جداً، إلا أنه في سورية أسوأ، فهناك مواجهة بين نظام اختار القتل حلاً، ومعارضة نصفها وطني شريف، ودخل عليها الآن إرهابيون هم أخطر أعداء العرب والمسلمين، والإنسانية جمعاء. وأتلقى بالفيديو كل يوم أخباراً مصورة عن «إنجازات» المعارضة التي انتهى الجزء المتطرف منها بحلف معلن مع القاعدة الإرهابية. هؤلاء الإرهابيون ليسوا المعارضة الوطنية الشريفة الموجودة على الأرض وفي الخارج، ولا يجوز الخلط بينهما. والآن هناك رئيس وزراء اختارته المعارضة هو غسان هيتو، وهو معارض من دمشق كردي هبط علينا بـ «براشوت» من أميركا حيث يعمل ولم أكن سمعت باسمه من قبل.

النظام يرسل طائراته الحربية لقصف أحياء مدنية، وعندما تُسقِط صواريخ الإرهابيين عدداً منها في يوم واحد، يطلق النظام صواريخ سكود على أهل البلد، والجزء الإرهابي من المعارضة يرد عشوائياً، وهكذا فالسلاح الذي كان يفترض أن يحمي البلد وأن يستعمل ضد إسرائيل يقتل المدنيين السوريين، والطرفان يفاخران بانتصاراتهما، وتفرح إسرائيل.

هل هذا واقع أم كابوس أفيق منه وأذهب غداً إلى دمشق لأزور الأهل والأصدقاء؟

الكتابة عن بلادنا من نوع المشي على الشوك. في العراق هناك عمليات إرهابية لا تنقطع، والضحايا قد يبلغون مئة في يوم وعشرة في يوم آخر. هناك إرهاب مستورد على الطرف الآخر من الوطن في بلدان المغرب العربي حيث تبحث الولايات المتحدة عن قاعدة لطائراتها من دون طيار. تونس لم يستقر الوضع فيها والحكومة الجديدة تواجه مشاكل ليست من صنع يديها. السودان قُسّم قسمين وثمة حديث يوماً عن اتفاق، ويوماً عن حشود على الحدود الجديدة وحرب وشيكة ممكنة. اليمن عادت مشاكله بين الشمال والجنوب، وداخل قسمي البلد الذي يستضيف طائرات أميركية بلا طيار لا تقتل إرهابياً إلا وتقتل معه مدنيين أبرياء. لبنان يستورد المصائب من سورية. دول الخليج تواجه تهديدات داخلية وأطماعاً فارسية قديمة عائدة.

أبحث في الخـريطة عن وطن عربي آخر، عن وطن كنت أعرف وأحب. ( الحياة اللندنية )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات