حريق البحار وكاسة ابنة الجيران ..
" تُطفئ النار الصغيرة بالدوس عليها، فإذا تُركت، عجزت الأنهار عن إطفائها "
تشتعل الاوطان في حلكة الظلام ويتساءل المرء لم هذا الظلام ؟ قد تكون قدمي وقدم غيري هي السبب والاسباب وقد تكون كاسة الماء التي حملتها ابنة الجيران في غفلة من امرها عنوانا ليحل الظلام.. في كل الاحوال كان الظلام لابيدي ولا بيد ابنة الجيران فللكسوف والخسوف احوال مختلفة في ارض العراق ، اعتدنا ان نتعايش معها ونكيف اوضاعنا في ظلمة الحقائق والاشياء ، كان هناك يتجول كالخيال ابدع وناصر وثقف وصار عنوانا لكل الاشياء هو العلم مرهونا بارض رفعت راية الابداع في مهجر وغربة وفي وطن تلذذ ان يركبه الاغبياء .
كان هناك يتفرج علينا من خلف ستار بل احيانا يظهر عنوة فيقول انا ظلكم في الارض لاتطفئوا ما اردت ايقاده وجعلوا من اقدامكم ملمسا رخوا يحبو كالطفل الوديع لايبعثر الاشياء المفيدة بل يربك من يدنس تلك الاشياء ، اعتدنا على بساطتنا في التعامل فحتى كاسة ابنة الجيران لم تكن تلك الكاسة الغالية فهي من بلاستك معاد لكنها سعيدة.. تحملها لتخمد نارا قد تحرق الحي باكمله . مرار وتكرار نٌطفئ النيران بنسيان ماحدث في الامس رغم الاقتتال والتفجيرات بقينا نعيش ونعقد المؤتمرات والاحتفالات حتى ابنة جارتي اصرت ان يكون لون احتفال الربيع لديها مختلفا فاخذت كاستها هي ذات الكاسة لا لتطفئ نارا اشعلها بعض المتطرفين بل لتسقي وردة اشترتها صديقتها رغم انقطاع مسارات الطرق يوم التفجير .
كنا هناك وكانوا هناك ورغم كل شيء اغرقوا البحار بالنيران وتساءلت الذات كيف للبحر ان يحترق وهو البحر عنوان اوسع للمياه بملحه واسماكه واحيائه البحرية المفترسة والاليفة ، اعتدنا الحرائق ولعل لقصص مشايخنا واعلامنا وسرد جداتنا للحكايات اكبر برهان بان الحرائق دوما تشتعل بعود ثقاب صُنع خارج رقعة ارضنا لكنه اصر على ان يشتعل في ارضنا ، اطفأنا نيراناً رغم اننا باحوج الى شعلة تضيء حلكة ظلام الفساد لكن كما تعلمون النيران غير الشعلة .
عجزت اقلامنا عن وصف صبرنا وعجزت قلوبنا عن حمل مااسعدنا واحزننا .. عجزت اشياء كثر كما عجزت الاسطر مكتوبة ومطبوعة لكن لم تعجز تلك الفتاة الصغيرة عن حمل كاسة الماء في كل مرة لتطفئ النار . لا اعلم هل في السرد نتيجة ؟ ولا اعلم متى يكسف ويخسف بقمرنا وشمسنا ببتهاج .. قد لا اعلم الكثير لكن اعلم جيدا ان النيران مكثت في ارض العراق واشعلت بالاقاويل ماكان لا يقال .. فامتدت نيراننا لبحار مجاورة كانت سليمة لكنها بأنزوائها عن مد يد العون احرقت نفسها وتعلمت من الدرس الكثير فالنيران لاتعرف نهرا او بحرا فهي نار تركض وراء عود ثقاب. ربيع يشتعل وبحار تحترق وعراق ينتظر كاسة اخرى كتلك التي حملتها ابنة الجيران.
(أحياناً لا يرغب الناس في سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون أن تتحطم أوهامهم)