سلاما ياعراق اقلـب مـا تشـاء!
كثيرة هي الصفات التي أطلقت على السياسة. أشهرها تداولا، حتى على الصعيد الشعبي، انها "فن الكذب". هذا يعني أن السياسي يجوز له الكذب من اجل تحقيق أهدافه الخاصة والحزبية. لكن يبقى السؤال: على مَن يجوز لهذا السياسي أن يكذب ؟ الإجابة قطعا تختلف بحسب المكان والزمان. ففي الغرب مثلا تجد السياسي ان كذب فانما يكذب على خصمه السياسي الآخر الذي قد يكذب عليه أيضا. أما في بلدنا اليوم فلا يكتفي السياسي بالكذب على خصمه وعلى نفسه، بل يكذب على ربه والشعب. كلها قد تهون الا الضحك على الناس، وأي ضحك؟
كبير قوم السياسة عندنا يصرح، وهو متكئ على كرسيه، ان دول الجوار تحسدنا على نعمة الاستقرار والأمان اللذين نحن فيهما! ثم يخطب بلسانه ويديه مؤكدا، انه لولاه، او لولاهم، لانهار العراق وصار في خبر كان! وقبل أيام، في آخر طلعة من طلعاته "البهية"، هدد بانه لو ظهر بالبرلمان "سيقلب الدنيا". ومن يقلب الدنيا سيقيم القيامة، أليس كذلك؟ عن أي "ظهور" وعن أي دنيا يحدثنا؟ فان كان يقصد دنيا العراق فاني ابشره انه لا يحتاج لذلك إذ انها، بفضل ولايتيه، انقلبت منذ أعوام ولا تزال مقلوبة. ما نفع ان تقلب المقلوب يا "دولة"؟
ما الذي لم يُقلب لحد الآن ويريد ان يقلبه هذا الرجل؟ هل سيزيد عدد الجياع بالعراق الذي "يشهد يوميا مليوني جائع" حسب آخر تقرير لمنظمة أوربية متخصصة؟ أم سيرفع نسبة الفقر الى أكثر من 23%؟ أم سيزيد عدد العطّالة البطّالة الى أكثر من 4 ملايين؟ أم سيفتح الباب أكثر لرفع عدد قتلانا بفعل ضعف فهمه الأمني وافتقاره الى فهم واجباته الوظيفية وجهله بأبسط قواعد حماية أرواح الناس؟ أم انه سيزيد من سعيه لحماية المفسدين وسارقي المال العام بتشييد مطار خاص لتهريبهم عند "الحاجة"؟ لا أألم من الكذب على الناس الا الضحك عليهم، ولا سادية أبشع من الرغبة في تجويعهم وهم في بلد يكسب أكثر من 300 مليون دولار يوميا.
ان نسبة المجاعة بالعراق، بحسب الخبير ماجد الصوري تقدر بحوالي 6 بالمئة من عدد السكان الإجمالي. هذه النسبة تعني ان هناك مليوني مواطن عراقي لا تتوفر لهم كسرة خبز. لكن ماذا عن عدد جياع الشعب للأمان والبسمة والحرية والنور وللعيش كما يعيش أهل الخضراء؟
ما الذي بقى واقفا على قدميه في العراق ولم ينقلب حتى يريد "دولته" ان يلف الستيرن عند فلكة البرلمان ليقلبه عندما "يلوف". ان كنت لا تستحي، يا سيدي، فاقلب ما تشاء!