ماذا بعد تفجيرات بوسطن؟
تأتي تفجيرات "ماراثون بوسطن" بعد سلسلة من الاحداث الساخنة التي اكتسحت منطقة الشرق الاوسط وما رافقها من سقوط أنظمة عربية كانت معروفة بدورها القيادي التاريخي كالعراق ومصر وإخراجها من معادلة التأثير في رسم معالم الشرق الاوسط الجديد .
تفجيرات بوسطن جاءت كذلك بعد استحالة تطبيق الحلول السلمية للازمة السوريه ودخولها في نفق مظلم بسبب اختلاف القوى العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا والصين وأوروبا على تقاسم النفوذ ، فالكل منها يبحث عن موطيء قدم في الترتيب الجديد وأن يكون له دور أكبر ونفوذ أوسع في الشرق الاوسط الجديد ، خصوصا مع اكتشاف كميات ضخمه من الغاز الطبيعي في مياهه وصحرائه .
تنامي قوة جبهة النصرة في سوريا واعلان تبعيتها لقيادة تنظيم القاعده ، وكذلك تنامي القوى الاسلامية المتشددة في المناطق التي سقطت فيها أنظمة عربيه ، وصلابة الموقف الايراني الروسي في دعم النظام السوري ، والضغط الذي واجهه الرئيس أوباما من قبل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ، لتبني رؤية القاده الاسرائيلين للتعامل مع الملف السوري والإيراني ، كل ذلك ادى الى التسريع في اللجوء للخطط البديلة للتدخل العسكري تحت حجة التصدي للهجمات الارهابية التي تستهدف الولايات المتحده ، خصوصا بعدما فشلت الولايات المتحدة في ايجاد ذريعة واضحة للتدخل في اشعال شرارة الحرب المتوقعة في منطقة الشرق الاوسط .
الرئيس أوباما أشار في تصريحه الاخير عقب التفجيرات بإن السلطات الأميركية تمتلك بعض المعلومات التي تؤكد أن تفجيرات بوسطن جاءت نتيجة "عمل إرهابي"، لكنها لا تعرف بعد من يقف وراء تلك التفجيرات ، و صحيفة جيروزليوم بوست الإسرائيلية ذكرت في تعليقها على الخبر بأن حادث تفجير بوسطن،ليس حادثا عرضيا وأضافت الصحيفة إن التحالف الأمريكي الأسرائيلي يزعج الكثيرين حول العالم و يتخذون من الإرهاب منهجا لتنفيذ مخططهم "!! ، مثل هذه التصريحات والتي تحمل ايحاءات واضحه بأن هذه التفجيرات ورائها مجموعات ارهابية تستهدف الولايات المتحدة كما تستهدف أمن اسرائيل ، وذلك للبناء عليها في إقناع الرأي العام الامريكي والغربي بشكل عام بأن العدو الاول هو الارهاب ولا بد من التصدي له عسكريا وفي عقر داره ، كما حدث عقب تفجيرات أبراج التجارة في 11 سبتمبر وتفجير البنتاجون، فكانت النتيجة سقوط بغداد وتدمير افغانسان .
والسؤال المطروح الآن ماذا بعد تفجيرات بوسطن؟
وللجواب على هذا السؤال نقول :
أولا : إذا كانت الجهة المسؤوله عن التفجيرات "داخليه "، فالجهة المرجحة للقيام بمثل هذه التفجيرات هي مجوعات يمينيه متطرفه ، والتي عادة ما تستخدم السلاح في عمليات عنف وبشكل متطرف ، فالقوانين الامريكيه تعطي الحق في امتلاك السلاح واستخدامه بشكل مشروع وحتى فتح مراكز تدريب لها ، لذلك إذا ثبت تورط مجموعات يمنيه في عمليات التفجير، فإن ذلك حتما سيزيد من حدة الصراع الدائر حاليا في الولايات المتحدة بين اليمين واليسار، هذا الصراع وصل إلى أعلى مستوى له في موضوع تعديلات تشريعيه تهدف الى الحد من الحق الدستوري في امتلاك السلاح ، مما يؤدي الى كسب الكثير من الاصوات المؤيدة لمنع انتشار الاسلحة بين الافراد المدنيين وخصوصا المراهقين منهم .
ثانيا: إذا كانت الجهة المسؤولة عن التفجيرات "خارجيه" ، أو أن يتم الصاقها بالخارج وهذا ما نرجحه في الغالب ، فحتما سيتبعها تحضيرات لعملية عسكريه كبرى يكون مسرحها منطقة الشرق الاوسط وسوف تشارك فيها دول اقليميه ، من بينها اسرائيل وتقودها الولايات المتحده ، تحت مسمى القضاء على الارهاب ومنع أي هجمات ارهابية قادمه من مناطق في الشرق الاوسط ، ونعتقد أن ما تم من اراقة للدماء وتدمير أوطان هو مجرد بداية لسلسة من الاحداث التي سوف تعصف في المنطقة لترسم الشرق الأوسط الجديد، وسوف تطال آثارها مناطق في شرق آسيا من خلال إعادة تموضع قوات أمريكيه في الشرق الأقصى تكون قريبة من التنين الصيني لمحاصرته بعدما أصبح عملاقا اقتصاديا يهدد بابتلاع الجميع .
الأيام القادمة حبلى بالكثير ، وسوف تثبت بأن كل ما يحدث لن يخدم سوى الولايات المتحدة وطفلها بالتبني اسرائيل ، فبعد تدمير العراق وسوريا وإخراج الشقيقة مصر الكبرى من دائرة الصراع وإشغالها بوضعها الداخلي ( فوضى سياسيه وأمنيه ، ومشاكل اقتصاديه ) ، والتفاهم مع تركيا ، ستكون الطريق ممهدة لاكمال مشروعهم وبناء حلمهم بالسيطرة على ثروات الشرق الاوسط الجديد.
كاتب وقانوني