الاسشراق .. إلى أين وصل ؟؟

تم نشره الأربعاء 15 تمّوز / يوليو 2009 12:36 مساءً
 الاسشراق .. إلى أين وصل ؟؟
حسن محمد نجيب صهيوني

لا شك أن الاستشراق كان ولا يزال يشكل الجذور الحقيقية ، التي تقدم المدد للتنصير والاستعمار ، والعمالة الثقافية ، ويغذي عملية الصراع الفكري ، ويشكل المناخ الملائم لفرض السيطرة الاستعمارية على الشرق الاسلامي ، واخضاع شعوبه ، فالاستشراق هو المنجم ، والمصنع الفكري ، الذي يمد المنصرين والمستعمرين وأدوات الغزو الفكري بالمواد التي يسوقونها في العالم العربي ، لتحطيم عقيدته ، وتحريب عالم أفكاره .

 

لقد تطورت الوسائل ، وتعدت طرق المواجهة الثقافية الحديثة ، ويكفي أن نشير إلى أن مراكز البحوث والدراسات ، سواء أكانت مستقلة ، أم أقساماً للدراسات الشرقية في الجامعات العلمية ، تمثل الصور الأحدث في تطور الاستشراق ، حيث تمكن أصحاب القرار من الاطلاع والرصد لما يجري في العالم يومياً .

 

إننا لا نزال في مرحلة العجز عن تمثيل تراثنا بشكل صحيح ، ومن ثم القدرة على غربلته وفحصه ، والإفادة من العقلية المنهجية التي أنتجته ، والقدرة على إنتاج فكري معاصر يوازيه .

 

لقد دخلنا المعارك القديمة ، ولا نزال ندخلها ، ونشغل بها ، على حساب الحاضر وما يدور فيه ، والمستقبل وما يخطط له ، ويمكننا هنا أن نقول : بأننا سوّقنا لأفكار المستشرقين عن حسن نية ، وعملقنا أشخاصهم ، دون حسابات دقيقة للآثار السلبية على أكثر من صعيد ، لما يترتب على ذلك ، وكأننا لكثرة ما نبدي ونعيد في هذه الموضوعات ، ونكتب ونخطب ، نوحي أننا ما زلنا دون مرحلة النصر ، أو على أحسن الأحوال ، لا نزال نعاني من آثار الهزيمة الفكرية التي تعيش في أعماقنا ، إلى جانب ما يمكن أن تورثه تلك المعارك من قدرة الخصم على التحكم بمسار تفكيرنا ، ونشاطنا العقلي ، لأنه يكفي أن يلقي إلينا ببعض التشكيكات ، ليستثيرنا ويحول جهودنا وطاقاتنا إلى تلك المواقف الدفاعية ، فينفرد هو بالتخطيط لتحقيق أهدافه ، وكلما حاولنا أن ننتبه ، ينتقل بنا من مشكلة إلى أخرى ، فنبقى دائما في مجال رد الفعل ، ونعجز دائما عن الفعل ، ذلك أن رد الفعل يملكنا ، بينما نحن الذين نملك الفعل ..

 

صحيح أن الماضي هو الذي يدعم التماسك الثقافي ، ويشكل الجذور التي تحول دون الاقتلاع ، إلاّ أن هذا الماضي بالرغم ما قدم في إطار تحقيق الذات ، وضمان تماسكها ، كاد ينقلب الاقتصار عليه إلى ظاهرة مرضية

 

تحبس الانسان في ملاجئها ، وتحول بينه وبين النهوض ، وذلك عندما يصبح الاستغراق في التشبث بالماضي صارفا للانسان عن صناعة حاضره ومعالجة مشكلاته ، والتفكير في مستقبله ..

وحتى نكون في مستوى الحوار الفكري ، والتبادل المعرفي ، ونوقف فعلا الغزو الفكري ، والإغراق الاستشراقي ، لابد لنا بدل البكاء على الأطلال ، والإكتفاء بجرعات الفخر والاعتزاز بالماضي ، أن نكون أيضا قادرين على امتلاك الشوكة الفكرية ، أن نكون قادرين على الانتاج الفعلي ، لمواد ثقافية تمثل ثقافتنا ، وتأتي استجابة لها ، وتغري الناس بها ، وبذلك وحده نكون في مستوى الحوار ، والتبادل المعرفي ..

فالمواجهة لا تكون بإدانة الآخرين ، والنظر إلى الخارج دائما ، وإنما تبدأ حقيقة من النظر إلى الداخل ..أولاً

لملئ الفراغ ، بعمل بنائي مستمر ، وتحصين الذات ، وتسليحها بالمقاييس الثقافية السليمة ، وإنتاج مناهج ، وآليات للفهم ، تأتي وليدا شرعيا لثقافتنا.

 

 hmns_najeb@yahoo.com     



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات