الكثير من نواب الأردن فقدوا الهوية والبوصلة والرشد
ما يحدث تحت قبة البرلمان الأردني من هرج ومرج وسباب وشتام وتشابك بالأيادي و( الصرامي ) أحيانا وخطابات ( إلك واسمعي يا جاره ) بين بعض النواب يندى له الجبين ، حيث باتت صورة النائب الأردني التي نقلت للشعب في الأردن وللعالم تصوره على أنه أشبه بأركوز بل بهلوان يؤدي ألعابا وفقرات بهلوانية لا تتعلق بثقافة قيادية ولا تنم عن حس ومستوى نبوغ سياسي ، بل راقص دون لباس راقصة لينال رضا قاعدته الانتخابية وطبعا كما يتخيل هو أو يصوره له باطنة الفساد التي تعمل معه أو تتحرك تحت إبطه .
لو كانت مواقف أكثر النواب العلنية أمام عدسات المصورين بالجلسات العلنية هي ذاتها التي بالجلسات السرية أو خلال اللقاءات المنفردة مع الوزراء والمنسقين لكانت الأمور مقبولة ، ويمكن أن تصل لرضا الله ثم المتابعين لجلسات مجلس النواب والشعب الأردني بالدرجة الأولى المعني قبل غيره بأداء مجلس النواب الرقابي ، وليس التهريجي كما أراده البعض منهم الباحث عن مقعد دائم بالمجلس ، كما كان خطط بحلم يقظة قبل أن يستفيق ليجد نفسه نائبا لأمة بوقت اختلط به الحابل بالنابل وزاد حجم الرغاء بالأمة ، أو كما سولت له نفسه الأمارة بالسوء مجملة له تهريجه السياسي والبروتوكولي الفوضوي والخطابي الإعلامي ، وملغيا دوره الرقابي الذي انتخبه الشعب ليحققه والذي بالتأكيد لم ينتخبه لإنتاج وتسجيل فلم تلفزيوني فكاهي هو المنتج بماله السياسي غير الرحيم ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً 16 الإسراء ) ، والممثل الملهم غير الجدير بالدور ، ومدراء مكاتبهم غير المتمكنين من تجارب وطنية وإدارية سابقة هم المخرجين وبالتأكيد الفاشلين لقدرة بعضهم على سحب النائب لما يريده هو لسمعته الشخصية التي يحاول بنائها على أنقاض النائب ومصلحة الأمة .
فالكثير من النواب بينهم وبين المسئول المعني من اصغر موظف بالمجلس حتى أكبرهم في الديوان أو رئاسة الوزراء المعنيين بمواقف النواب والاتصال بهم لترتيب الجلسات وضروراتها ، يبلغونهم بأنّ مواقفهم الحقيقية هي (معكم وبكم إنا ماضون ) ( وسامحونا ..مضطرين ) متمنين عليهم ومستحلفينهم بالله أن يقدروا الأمور ورغبات الشارع وطلباته ، ولم ننسى بعد جلسة الخبز أيام وزارة الكباريتي كيف أنّ أحد النواب طوال أربع سنوات تخصص يشتم الوزراء وحجب الثقة عنهم وعن صديقه الكباريتي ، و( بالروحات والجايات ) والسهرات كانّ معهم ( كجسد بلباس واحد ) ـــ وعلى فكرة : المثل مش هيك لكن مضطر لتغييره ـــ ، وكان هو عيارة القبان التي مررت قرار رفع أسعار الخبز على عكس رغبة الشعب ، وعندما سأل عن هذه الموقف قال ( لا تنتخبوني مرة ثانية فقد ضمنت النيابية لولد الولد ، وطبعا سقط هو للأبد ، وخرج من السياسة والمجتمع لأبد الأبد ، ونجح الشعب الذي هو يقرر من ينتخب ومن يلفظ ولو بعد تجربة وحين .
وما زالت بالذاكرة مشاهد زمانها ليس ببعيد لنواب نسوا أنّ مكان الجبهة والجهاد ضد إسرائيل هناك غربا ، وفتحوها على بعضهم بالعبدلي ، فتأبطوا بالمسدسات والسيوف والحراب وربما القنابل وربما وربما واستلوها أو كادوا تحت عدسات التلفزة والمصورين ، ولربما نسق أحدهم مع مصور أو أكثر ( ركزوا عليّ لأنني سأقوم بهجوم ساحق مدمر على عدو أمرّ من يهودي بالمجلس ) ، فالشعب الأردني الذي تشغل الأغلبية الصامتة به 99،9 بالمئة ملّ مثل هذه الصور المقرفة لنواب قباضايات ، وهو غير راغب وغير معني برؤية مزيد من المشاهد لنواب مهرجين ، لكنه ما زال يأمل برؤية ممثلين للأمة اللذين يوجد منهم الكثير تحت قبة البرلمان الآن وبين الشعب لقادم الأيام وبالتأكيد لهم كل الاحترام والتقدير .
فمناظر لأحد النواب وهو يرقص بالميكرفون فوق طاولة ، وآخر يتربع فوق مقعده وبيده موز منتظرا الوثوب على صديق أو عدو صديق ، وثالث لابس قفازات ليصارع الأعداء الوزراء لأنه لم يُوزّر ، أو رابع يزغرد منتظرا الدرك لتقض المشاجرة ، وآخر يصفق ويُصفر للأخوة الأعداء ، هي من المناظر القبيحة التي ستسقط الكثير من النواب الحالمين بأنّ تهريجهم السياسي هو من سيدفع بهم ثانية لقبة البرلمان .
صحيح أنّه بمجلس النواب يوجد من النواب الخيرين المتميزين بالسياسة المكتنزين بالثقافة بمختلف أنواعها ، المتمكنين من مهمتهم الرقابية والتشريعية التي من أجلها انتخبهم الشعب لممارستها وهم الأمل الأخير بمجلس النواب الأردني الموقر ، ( القباضيات ) من أجل الشعب ومصلحته والأردن وعليائه ورفعته ، لكن هذا لا يلغي نهائيا المأساة الملهاة التي تمكن بعض النواب المتقوقعين على مالهم الحرام الظانيين أنه سيشتري ذمم الناس وقبولهم ، أو على ثقافتهم الجاهلية النتنة الظانين بها خيرا لهذه الأمة التي يقودها محمدا عليه الصلاة والسلام والذي قال بها قولته الفصل ( دعوها فإنها نتنة ) من جر المجلس للمنزلة التي أضحى بها وعليها ، فما يأمل الناس من الناس أن يعودا لانتخاب الفكر والموقف والثقافة السياسية ، وما يأمل الناس من النواب الأجلاء أن يرتقوا بمجلسهم الموقر ليعود صورة وطنية تعكس ثقافة الأردنيين وهويتهم الوطنية والقومية ، وأن يكف البعض المراهق بالسياسة منهم عن عرض أفلام أطفال سياسة ورعب أحيانا وفكاهة وتهريج ، وأن يبادروا جميعا لممارسة دورهم الرقابي والتشريعي وأن يقنعوا جميعا الناس أنّ مواقفهم بالجلسات المفتوحة أو المغلقة هي واحدة ، و شكرا لنائب الشعب في باب الحارة العقيد الذي كان قال ( وشكلين ما بنحكي ) ، وأكثرهم يا هل ترى ( هل شكلين ما بحكوا ) ؟؟؟ !!!!!.