تقرير ينتقد وسائل محاربة الفقر في الأردن
المدينة نيوز - انتقد تقرير اصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي اخيرا الجهود الوطنية في محاربة الفقر،معتبرا انها لم تكن بالمستوى المأمول مقارنة بحجم التمويل المنفق تحت شعار محاربة الفقر.
وقال التقرير بنتائجه الخاصة بالقضايا الاجتماعية وجاءت تحت عنوان "لو كان الفقر رجلا " ان جهود محاربة الفقر انطلقت من مبدأ زيادة القدرة المتمثلة بتوفير الاحتياجات الأساسية لمن تم تحديدهم كفقراء وفقاً لمنهجيات قياس الفقر القائمة على كلفة السعرات الحرارية المستهلكة، من خلال الاستهداف المكاني(مناطق جيوب الفقر)، مشيرا الى ان الجهود تركزت على توفير خدمات البنية التحتية لتلك المناطق من مياه وكهرباء وطرق ومدارس ومراكز صحية.
واكد ان الخدمات والجهود فاقت الحاجة الفعلية لبعض المناطق المعنية ، اضافة الى اقتراح بعض المشروعات التنموية التي لم تتوفر لكثير منها مقومات النجاح كتوفر المهارات المطلوبة والتسويق،وصغر التجمعات السكانية وتناثرها في هذه المناطق مما جعلها غير جاذبة للاستثمار.
ونوه الى ان غير الفقراء في بعض المناطق استفادوا من الخدمات أكثر من الفقراء، ضاربا مثلا فلس الريف الذي استفاد الأغنياء في تلك المناطق من مخصصاته أكثر من الفقراء أنفسهم،وهو ما دفع - وفقا للتقرير- وزارة التنمية الاجتماعية إلى التواصل والتنسيق مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية لتوقيع اتفاقية تعاون وتعديل معايير الانتفاع.
وقال التقرير ان الفقر في الاردن طغى عليه الفقر الحضري (اي ان اكثر الفقراء في المناطق الحضرية) ، مبينا انه رغم ارتفاع نسبة الفقر في مناطق جيوب الفقر ، إلا أن عددهم لا يزيد على 5ر33 بالمائة من إجمالي الفقراء في المملكة.
واوضح ان الفقير الحضري له خصائص تختلف عن فقراء الريف من جهة، وارتفاع الكلفة الاجتماعية لعدم إيلائهم الاهتمام الكافي من جهة أخرى، مبينا ان الإحباط الذي قد يشعرون فيه نتيجة لتعايشهم اليومي، مع التباين الكبير في مستويات المعيشة في ما بينهم والمناطق القريبة منهم والمتمتعة بالكثير من الفرص قد يؤدي بهم إلى انتهاج طرق غير سوية للتعبير عن هذا الإحباط، وقد يكونون تربة خصبة لاستغلال الآخرين لهم.
واوضح التقرير ان اثر صندوق المعونة وفقا لمعايير الفقر المتبعة لديه (دفتر العائلة والدخل للاسرة) والتي تخالف تعريف الفقر المعتمد لدى دائرة الإحصاءات العامة المعتمد على مفهوم الأسرة والدخل والإنفاق مرجعية لحساب الفقر لا يكون كبيراً فيما يتعلق بنسبة الفقر، وإنما يكون له اثر في تقليل التباين بين الفقراء أنفسهم.
وانتقد التقرير تعدد الجهات التي تتعامل مع ظاهرة الفقر وتشابه البرامج دون التنسيق المطلوب،مشيرا الى ان ذلك يؤدي إلى تكرار وتداخل في بعض البرامج في المنطقة نفسها من جهة، وحرمان مناطق اخرى .
وانتقد التقرير بطريقة غير مباشرة الغاء الهيئة التنسيقية للتكافل الاجتماعي التي بدأت فعليا عملها عام 2008 كإحدى مبادرات الأجندة الوطنية بهدف إيجاد آلية تنسيق مناسبة، وبناء قاعدة بيانات شاملة للجهات والجهود المبذولة في مجال محاربة الفقر،مبينا ان الهيئة الغيت عام 2011 قبل تحقيق أيا من أهدافها.
واشار الى ان عدم وجود قاعدة بيانات شاملة لكافة المؤشرات والخصائص للفقراء والمناطق الفقيرة، وكذلك الحال بالنسبة للبرامج، يبعثر الجهود، خاصة وأن كثيراً من الجهات تعتمد تعاريف ومفاهيم خاصة بها لتدخلاتها في التعامل مع ظاهرة الفقر.
وفي توصياته أكد التقرير اهمية التعامل مع ظاهرة الفقر ضمن سياسات عامة شاملة، وليس من خلال تدخلات آنية ينقصها آليات المتابعة والتقييم.
واكد بتوصياته على الالتزام بنطاق عمل إستراتيجية الفقر الحالية، وآلية إعدادها، لما له من دور في وضع البرنامج التنفيذي والكلفة المالية لتنفيذها بأسلوب تشاركي، وضمان مساهمة الدول والمنظمات الدولية المانحة ( ينتظر اطلاقها قريبا).
ودعا الى اعتماد تعريف موحد للفقر ومنهجية قياسية باعتماد المفهوم متعدد الأبعاد، لضمان احترام حقوق الإنسان، وليس فقط البعد المادي لقياس الفقر.
وشدد على تفعيل صندوق دعم الجمعيات بما يضمن تفعيل دور الجمعيات الخيرية في التعرف على التحديات الاجتماعية والتنموية في المجتمعات المحلية، من خلال اعتماد أسس الريادة والتميز في المشاريع المنوي تمويلها من الصندوق، وعلى تعزيز وتفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، من خلال تشجيع القطاع الخاص للمساهمة في تمويل وتبني مشاريع وبرامج تنموية، تهدف لمحاربة الفقر وتحسين مستوى المعيشة في المناطق الفقيرة.
واوصى بتحسين آلية استهداف المعونات النقدية والدعم الحكومي الموجهة لتحسين مستوى المعيشة، وذلك من خلال تطوير واعتماد الآلية المقترحة لدى وزارة التنمية الاجتماعية ضمن مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية، التي يمكن أن تصبح الآلية الحكومية لتوجيه الدعم ومحاربة الفقر، من خلال صندوق المعونة الوطنية، التي بينت أنه يمكن أن يستفيد من الدعم ما نسبته 81بالمائة من الأردنيين، وتوفير ما قيمته 189 مليون دينار من إجمالي الدعم المقدم.
واشار الى انه يمكن لغايات إيصال الدعم لمستحقيه اعتماد صندوق المعونة الوطنية لمنتفعي الصندوق، والمؤسسات الحكومية والخاصة للعاملين فيها، وكذلك متقاعدي الضمان الاجتماعي، مبينا انه قد تكون هذه الالية اجدى من خلال حفز غير المسجلين في اي مؤسسة التسجيل لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي.
واوصى التقرير باعتماد صندوق المعونة المرجعية الرئيسة في استهداف الفقر والتعامل مع اسبابه وليس أعراضه،بشرط دعمه بالكوادر المؤهلة وتطوير قاعدة بياناته، وربطها مع مختلف المؤسسات الشريكة، ومنحه الصلاحيات اللازمة لمخاطبة الجهات الأخرى في حال كان سبب الفقر إحدى خدمات هذه المؤسسات، كالمرض أو كلفة التعليم وغيرها.
ودعا الى تطوير آلية تنفيذ صندوق دعم المحافظات باعتبارها ستعمل على تعزيز اللامركزية على مستوى المحافظات ، وزيادة مشاركة المجتمع المحلي في صنع القرار.
واقترح المجلس بتقريره لإنجاح مبادرة صندوق المحافظات عدة اليات ،اهمها : إعداد قائمة بالمشاريع التنموية المتوفرة لدى وزارة التخطيط والتعاون الدولي لكل محافظة، تشتمل على الجدوى الاقتصادية لكل مشروع، وكلفته ومدة تنفيذه، ومن ثم توزيع القوائم على المحافظين بصفتهم رؤساء المجالس التنفيذية في المحافظة ليتم عرضها على المجلس التنفيذي ومناقشتها وتحديد الأولوية لها،وبالتالي اجراء استفتاء بشأنها على مستوى المحافظة.
واقترح ايضا فتح باب الاقتراحات في كل محافظة حول أي مشروع تنموي يمكن أن يتقدم به المواطن ضمن مهلة معروفة ،و دراسة المشاريع المقترحة ..،وتشجيع القطاع الخاص للمشاركة والاستثمار في مختلف المحافظات من جهة أخرى. مما ينعكس إيجابياً في توفير خدمات البنية التحتية والتقليل من الهجرة الداخلية، وتخفيف أعباء توفير الخدمات في المدن الرئيسية.
ومن الجدير ذكره ان المجلس الاقتصادي والاجتماعي (قدرت موازنته لعام 2013 بحوالي 696 الف دينار) اعتمد في اعداد تقريره الاول الصادر اخيرا على بيانات تجميعية اعتمد فيها على دراسات وتقارير رسمية وغير رسمية واخبار صحافية نشرت بوسائل اعلام مختلفة. ( بترا )