ميليشيات وإصلاح
مظهر جديد اطل به من يدعون الإصلاح يوم الجمعة في مسيرة الحسيني في مشية عسكرية منظمة يعتقد من يراها من خارج الأردن بأننا على أبواب تحرير القدس ولا ادري ماهي الرسالة التي أراد توجيهها هؤلاء الأبطال للشارع الأردني, هل هي رسالة استعراض للقوة أم هي رسالة للشارع والنظام أن الوطن بات مستباحا وان البقاء فيه للأقوى والمنظم وانه في حال لاسمح الله حدث مكروها لهذا الوطن فان تلك القوى لاينقصها سوى حمل السلاح هذا ان لم يكن موجودا فعلا والدخول في مرحلة حرب الشوارع.
ماحدث من استعراض عسكري يفتح شهية باقي المحافظات لأن تعد العدة وتجهز الفرسان والخيول والرماح والسيوف لنعيد امجاد الزير سالم وابو زيد الهلالي وفرسان العرب القدامى وان ندخل في عصر الغزوات من جديد ونعيد الوطن الى اقاليم صغيرة تغزو بعضها بعضا تسلب وتنهب وتسرق وتكون الغلبة فيها للاقوى.
لا ادري كيف اربط بين الدعوة للإصلاح وبين منظر الجند الذي انطلق من باب ساحة الحسيني بحركة استفزازية لاتقل عن حركات البلطجة التي تهاجم المسيرات السلمية في كل مره فقد ظهر اننا كلنا بلطجيون كل حسب طريقته فمن يحمل العصي والخناجر ضد المسيرات السلمية هو بلطجي بلا شك بغض النظر عن مسماه موالاة او معارضة ومن يقلد جيوش حزب الله بمشية عسكرية هو ايضا بلطجي ومستفز ووراءه ماوراؤه.
في أول تصريح لأحد قياديي هذه المليشيات ان هذا جاء للرد على الإرهاب الذي تعرضت له مسيرة اربد قبل ايام ولا ادري عن اي ارهاب يتكلم وهو يقود جنود بزي مدني خلفه لاينقصهم إلا حمل (الدوشكا) والرشاشات على أكتافهم, وهذا يحصل والدولة لازالت قائمة وقوية وجيشها وأمنها يملأ الشوارع فما هو الحال ان سقطت الدولة وغاب جيشها عن الشوارع فماذا سيكون الحال مع وجود هذه الميليشيات الملثمة, قطعا ستكون شوارعها برك للدماء ومسرح للأشلاء وسيستباح حينها العرض والشرف والممتلكات وسندخل بتعاون هذه الميليشيات مع الإرهابيين من شتى بقاع الأرض في حرب ستأكل الأخضر واليابس فهذا ماحصل بالشقيقة الجريحة سوريا عندما دخل اليها كل الارهابيين حول العالم بمباركة من ميليشياتها بالداخل.
الإصلاح لايأتي أيها الإبطال من (تفتيل) العضلات والاستعراضات العسكرية بل من تكاتف الجهود وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية الضيقة، فهل عدم وصول حزب معين الى السلطة بطريقة حضارية ودعم شعبي يجعلنا نسعى اليها بالقوة وهل الوصول إلى السلطة يبيح جميع المحظورات بما فيها اثبات الوجود وبأي شكل حتى وان وصل الأمر إلى حمل السلاح وهل محاربة الفساد والفاسدين والمطالبة بالحريات لايأتي الا بتشكيل كتائب وفرق عسكرية تستبيح الوطن لتظهر قوتها وهل كل هذا الاستعراض للفت نظر حفنة من الفاسدين ام انه استعراض للفت نظر اهل الوطن جميعهم فان كان لفت نظر للفاسدين فان الرسالة لن تصل لان كل الفاسدين قد حجزوا تذاكر الدرجة الأولى لأبنائهم في حال أصاب هذا الوطن مكروه لاقدر الله وان كان للفت نظر اهل الوطن فان الرسالة قد وصلت وانهم لاتخيفهم تلك الحركات فمثلما بذل ابناء هذا الوطن ارواحهم على مشارف القدس وباب الواد واللطرون وفي معركة الكرامة الخالدة فانهم سوف يبذلون ارواحهم رخيصة للدفاع عن وطنهم.
اذا كان هذا هو حال الاصلاحيين قبل ان يصلوا الى السلطة فماذا ياترى سيكون حالهم بعد الوصول اليها، فان كان سقف الحرية في الاردن قد ارتفع قليلا فهذا لايعني انه اصبح وطن مستباح واذا كانت حرية الكلمة والرأي يعبر عنها باستعراضات عسكرية فان هناك لغة في هذا الوطن يصعب على هؤلاء الابطال الاستعراضيون فهمها وهي الولاء لهذا الوطن وقيادته وان كان هذا الاستعراض يضم المئات فهنالك خلف الجبال استعراضات تضم الملايين فلنوحد الصف وليكن استعراضنا القادم لتحرير فلسطين بعون الله.