العنف الجامعي والمتجتمعي وجذور البلاء
برزت ظاهرة العنف الجامعي والمجتمعي وأقول ظاهرة لأنها تعدت مرحلة المشكلة وأصبحت تنخر بالجسد شيئا فشيا دون انحسار هذه الظاهرة التي اصبحنا فيها نشاهد هيبة الدولة قد مست ولم يعد يكترث أصحاب الأعمال الشريرة والخارجين على القانون والنظام، وأصبحوا يتجرؤون على حمل السلاح الناري والسلاح الأبيض داخل الحرم الجامعي، ويحملون الهراوات، ويدخلون المازوت داخل الحرم الجامعي لإشعال الحرائق لإلحاق الأذى بممتلكات الجامعة ولوازمها، كما يدخل أناس من غير طلبة الجامعة إلى حرم الجامعة لينتصروا لأقاربهم الطلبة ويشعلوا فتيل مشاجرة جديدة في حرم الجامعة وللأسف كذلك في معظم جامعاتنا الرسمية والخاصة .
ولمعالجة هذا الموضوع الذي تشترك فيه حلقات متعده فقد اوجز واقترح الدكتور راضي العيد النواصره مجموعة من التوصيات في كتابه الذي صدر حديثا بعنوان العنف الجامعي والعنف المجتمعي وجذور البلاء مؤكدا فيه ان العنف في الجامعات تستمد معظم غذاءها وقوتها من العشائريات بالإضافة إلى أسباب أخرى .
وفي كتابه دعا إلى إعادة النظر في سياسة القبول في الجامعات، وعدم قبول الاستثناءات، بما فيهم (الأقل حظاً- لأنهم في واقع الحال هم الأفضل حظاً وليسوا الأقل حظاً) و إلغاء القبول حسب البرنامج الموازي- بالنسبة للطلبة الأردنيين فقط، وحصره بالطلبة غير الأردنيين وعدم السماح لعضو هيئة التدريس ببيع كتابه، أو تجزئة كتابه على شكل دوسية أو ملزمة، وبيعها للطلبة، لأن الطالب ينحصر اهتمامه ودراسته بمحتوى هذه الدوسية، وينغلق فكره وعقله فقط بمضمون هذه الدوسية، لأن المدرس لا يطلب منه غيرها، ومن لا يشتري هذه الدوسية لا يمكن أن ينجح عند مدرس المساق، ومن ناحية أخرى، فإن اهتمام الطالب بالبحث العلمي يموت، ولا يكون مطلوباً منه الذهاب إلى المكتبة لغايات البحث والتنقيب العلمي ومعاملة الطلبة بالعدل والمساواة وتكليف الطالب بعمل بحث حول موضوع يتعلق بالمساق الذي يدرسه مدرس المساق في الجامعة، لتنمية روح البحث العلمي لدى الطالب واستغلال أوقات الفراغ لديه و إشغال أوقات الفراغ لدى الطلبة بمحاضرات عامة، أو عمل بحث علمي أو أي نشاط لا منهجي إشراك الطلبة في عضوية بعض المجالس مثل مجلس الجامعة ومجلس عمادة شؤون الطلبة.
وطالب الدكتور النواصره في كتابه الصادر عن عن دار الراية للنشر والتوزيع- عمان/ الطبعة الأولى، ضم 113 صفحة من الحجم المتوسط
تشديد العقوبات الصارمة بحق الذين يرتكبون أعمال العنف، بحيث لايكون عودة عن القرارات مهما كانت والأسباب و عدم السماح لأي مسؤول أو وزير أو نائب أو صاحب جاه عشائري أو غير عشائري، بالتدخل من أجل تخفيض العقوبة أو إلغائها أو تأجيلها وتحويل الطالب الذي يتلف شيئاً من لوازم الجامعة أو من ممتلكاتها، أو يلحق أضراراً مادية بها، إلى المحكمة لينال العقوبة الجزائية، ويدفع بدل الأضرار المادية المترتبة على الأضرار التي تسبب بها و تعميم العقوبات التي تصدر بحق الطالب الذي صدرت بحقه، على جميع الجامعات الرسمية والخاصة، حتى لا يسمح له بالدراسة فيها، وإبلاغ وزارة التعليم العالي بذلك، كي لا تقوم بتعديل أية شهادة يحصل عليها من داخل المملكة أو خارجها، كما لا تقوم بتصديقه وإبلاغ ديوان الخدمة المدنية بالعقوبات التي تصدر بحق أي طالب مخالف، وعدم منحه شهادة حسن سلوك، حتى لا يتم تعيينه في أية وظيفة أو شركة، ونشر هذه الشروط في وسائل الإعلام المختلفة وإبلاغ جميع هذه الأمور للطلبة وتعريفهم بها، ونشرها في دليل الطلبة، وتوزيع هذا الدليل عليهم في مطلع كل عام جامعي، ونشرها في وسائل الإعلام المختلفة، ليحاط الجميع علماً بها، كي لا يقدموا على أعمال العنف أو المشاركة فيها.
وفي نفس الوقت يطلب الدكتور النواصره تعيين مرشدين اجتماعيين في كل كلية، بالإضافة إلى تعيين مرشد في عمادة شؤون الطلبة مع ملاحظة انه عند تعيين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة، يجب أن يكونوا من ذوي الكفاءات الممتازة والأخلاق العالية، ومن جامعات عريقة، وأن تعقد لهم الجامعة عند تعيينهم دورات لتعريفهم بأساليب وطرق التدريس وكيفية التعامل مع الطلبة وعلى عضو هيئة التدريس تخصيص جزء من علامة المشاركة لحسن السلوك والتزام الأخلاق والآداب الحسنة وعلى الجامعة أن تقوم بتعديل مساق التربية الوطنية، وتضمينها المبادئ التي تحث على السلوك المستقيم والأخلاق الفاضلة، وعدم اقتراف الأعمال المسيئة لسمعته، والمحافظة على ممتلكات الجامعة، وعدم إيذاء الغير، والانتماء للجامعة التي هي جامعة الوطن، واحترام الأنظمة والتعليمات والقوانين وأن تقوم الجامعة بفرض تدريس مساق (في المبادئ القانونية)، يتعلم فيه الطالب مبادئ القانون، ويعرف الصواب من الخطأ، وما يترتب على اقتراف الذنب أو الخطأ من العقوبات القانونية، ويعرف أن سلوك الخطأ والعدوان يقود الإنسان إلى السجن، ويتكبد الغرامات المالية المترتبة على سلوكه الخاطئ، هذا، بالإضافة إلى تشويه سمعته في الجامعة وبين زملائه ومجتمعه وأهله وعلى الجامعة أن تقوم بتنظيم محاضرات عامة، تتعلق بالإرشاد والتوجيه للطلبة في بداية كل عام و أن تقوم بحرمان أي طالب يقوم بأعمال الشغب والعنف من أية منح أو قروض أو ميزات أخرى وعلى الجامعة أن تقوم بتخصيص جائزة سنوية، من كل كلية، مع نهاية كل سنة لأفضل طالب سلوكياً وأخلاقياً.
كما كما يظهر الدكتور النواصره انه على الاتحادات الطلابية أن تقوم بتوعية وإرشاد الطلبة المستجدين، وتعريفهم بالقوانين والأنظمة والتعليمات، وتسدي إليهم النصح والإرشاد وأن لا تقوم بإنشاء كليات أو تخصصات لا تحتاج إليها البلاد، فتقذف بالخريجين إلى الشارع، وتزيد من عدد العاطلين عن العمل اخضاع حساباتها أي الجامعة بما في ذلك الإيرادات والنفقات لتدقيقات ديوان المحاسبة المؤسس من قبل الدولة، وليس لتدقيقات مديرية الرقابة الإدارية والمالية المؤسس داخل الجامعة والذي يكون تحت مسؤولية رئيس الجامعة.
ومن الوسائل التي يراهها ذات فائدة كذلك هو فصل التعليم الأكاديمي عن التعليم التقني، وذلك بتخصيص كليات البوليتكنك والكليات المهنية تحت اسم (الجامعة التكنولوجية) وتدمج فيها جميع الكليات المهنية ويكون لها رئيس ومجلس أمناء ومجلس عمداء من ذوي القدرات والكفاءات المتخصصة.
وحول المعايير المتعلقة باختيار الامن الجامعي فقد دعا اصحاب القرار والمعنيين الى اختيار أفراد الأمن الجامعي، عند تعيينهم، حسب شروط دقيقة، ومعايير صحيحة ومعينة، وتحرص على عدم تعيينهم بالواسطة والمحسوبية، وأن تكون لديهم خبرات مميزة من رجالات الدرك أو الأمن العام وتزويد أفراد الأمن الجامعي بأجهزة رقابة دقيقة، لوضعها وتركيبها على بوابات الجامعة ومداخلها ومخارجها، كي تراقب من يحمل سلاحاً، وتمنع دخول المشبوهين والذين ليس لديهم عمل في الجامعة وأن يمنح أفراد الأمن الجامعي صفة الضابطة العدلية، لتمكينهم من ضبط الأمور الأمنية، وضبط مثيري الشغب أو من يحملون السلاح والعصي والهراوات، والذين يقومون بأعمال العنف والشغب، وليتمكنوا من تحويلهم إلى المحكمة عندما يلقون القبض عليهم.
وفيما يتعلق بوزارة التربية والتعليم .
اما ما يتعلق بالتوصيات لوزارة التربية والتعليم فهي أن تخصص خانة في الشهادة المدرسية، تتعلق بسلوك الطالب في المدرسة أثناء مدة دراسته، ولا تمنح له شهادة حسن سلوك إذا كان سيء السلوك وأن تقوم بحرمان الطالب المبعوث على نفقتها، والذي لا يزال على مقعده الدراسي في الجامعة، من مخصصات البعثة، وتقوم بمطالبة ذويه بما أُنْفِقَ عليه حتى تاريخ ارتكابه المخالفات وتعيين مرشد اجتماعي في كل مدرسة، أي تعيين مرشد واحد في كل مدرسة لا يزيد عدد طلابها عن (500) طالب، وإذا زاد العدد عن ذلك يتم تعيين مرشد آخر وهكذا وأن تقوم بتدريس مادة التربية الوطنية، وتوسيع منهج هذه المادة، ليتضمن الحث على السلوك المستقيم والأخلاق الفاضلة والحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، والتسامح والعفو، ونبذ العنف، ونبذ الكلام البذيء، والتمسك بتعاليم الدين الحنيف، وحب الوطن والانتماء و أن تقوم بالتعميم على المدارس لتدريس مادة (مبادئ في القانون)، لتعريف الطلبة بالعقوبات المترتبة على الفعل الخطأ، وعلى الذنب الذي يقترفه الطالب، وعلى العقوبات المترتبة على أعمال العنف والشتم والسباب وغير ذلك، والتي ربما تؤدي بمن يرتكبها إلى السجن و أن تضع في خططها السنوية برنامجاً سنوياً بعنوان ( نحو مدرسة خالية من العنف)، وتشكل له لجنة خاصة تتابعه، وتخصص جائزة سنوية لأفضل مدرسة خالية من العنف، وجائزة لأفضل طالب سلوكياً، وجائزة لأفضل معلم سلوكياً.
وحول العنف المجتمعي فقد اوصى الدكتور النواصره ان يقوم شيخ العشيرة ووجهائها، بالاجتماع بأفراد العشيرة والتحدث إليهم بخصوص أعمال العنف والأعمال المخلة بالآداب والتي تسيء إلى سمعة العشيرة، وأنه عليهم الالتزام بالأخلاق الفاضلة والتمسك بتعاليم الدين الحنيف، وأن من يشذ عن العشيرة باقتراف العنف والشغب ستقف العشيرة ضده، وستتخلى عنه، ويجب على شيخ العشيرة ووجهائها أن يقفوا موقفاً حازماً ضد من تسوّل له نفسه ارتكاب أعمال العنف، وعليهم أن لا يناصروه ولا يدافعوا عنه عند الحاكم الإداري أو في المحاكم أو عند أية جهة أخرى، كي لا يجر العشيرة إلى تحميلها أعباء مادية ومعنوية، ولكي لا يسيء إلى سمعتها.
كما ان على خطباء المساجد أن يخصصوا بعض خطبهم أيام الجمع، وعلى الواعظين والمرشدين أن يخصصوا بعض الدروس الدينية ودروس الوعظ والإرشاد، وكذلك الكنائس من أجل التمسك بالقواعد والتعاليم الإسلامية والإنسانية الفاضلة والابتعاد عن أعمال العنف والشغب و على الحاكم الإداري، أن يفرض العقوبة الإدارية الصارمة، بحق مرتكبي أعمال الشغب والعنف، وعليه أن يربطهم بكفالات عدلية ذات غرامة مالية مشددة، وتودع هذه الغرامة في صندوق الخزينة، حتى لا تتكرر منهم أعمال العنف والأذى وعلى وزارة الداخلية أن لا تسمح لمن يرتكب أعمال عنف بمغادرة البلاد كي يكمل دراسته أو يبحث عن عمل أو وظيفة خارج البلاد , ويتم تعميم ذلك وإعلانه كي يحاط جميع المواطنين علماً بذلك.
وأما المحكمة، فعلى القاضي أن يغلظ العقوبة بحق من تتكرر منه أعمال العنف، لتكون رادعاً له مستقبلاً وعلى الحكومة أن تبذل قصارى جهدها من أجل مكافحة الفقر والبطالة، والحد من خطر غلوائهما، لأنهما آفتان خطيرتان على المجتمع، ويستفحل خطرهما يوماً بعد يوم و أن تعمل على إلغاء القوانين العشائرية وإحالة قضايا القتل والعرض إلى المحكمة، كي لا تطال العقوبات أحداً غير مرتكب الجرم، فمن غير العدل أن يرحل أحد من بيته فيهجره ويجلو عنه سنوات، وربما إلى الأبد، كما أن هذا يشجع الناس، كلما نشب نزاع أو أعمال عنف، فيستقوي كلٌ بعشيرته وبالقوانين العشائرية، فتستفحل أعمال العنف والقتل، ولا تنتهي، وهذا أمر هام جداً، لأنه ما دامت هناك قوانين عشائرية، فإن بعض الأفراد يستقوون بالفزعات والنخوات العشائرية وكثرة أفراد العشيرة، على العشائر قليلة العدد، كما أن مراسيم الصلح العشائري الذي ينهي الجرائم والأعمال العدوانية بفنجان قهوة، أمر يشجع مرتكبي الجرائم وغيرهم من الأفراد على ارتكاب جرائم أخرى مماثلة طالما أن النهاية على هذا المنوال وليس فيه حكم صارم، وجميعنا يعلم أن العنف بشكل عام وبجميع أنواعه يكاد يكون معدوماً في الدول الأوروبية والبلاد الأجنبية، وهي أعمال نادرة جداً هناك، وذلك لسبب بسيط جداً و هو أنه لا توجد في هذه البلدان قوانين عشائرية.
يبقى ان نقول ان هذا الجهد العلمي للدكتور النواصرة الذي صدر له كتب القراءات القرآنية وأثر فتح مكة في أدب صدر الإسلام و لهجات القبائل العربية في القرآن الكريم والفصاحة والبيان وبلاغة الكلام عند سيدنا الإمام و ديوان رؤبة بن العجاج / دراسة وتحقيق وموقف جلال الدين السيوطي من المدارس النحوية والقضايا اللغوية و الجهود النحوية عند ابن باشاذ ( تحت الطبع)
يستحق الدراسة والمتابعة وان التوصيات فيه تشكل نتاجا ومساهمة طيبه في خدمة أصحاب القرار اللهم ان عملوا في توصياته التي اجزم انها وضعت النقاط على الحروف في كثير منها.