كم يبلغ عرض "استعراض الإخوان"؟

أعطت الأخبار والتعليقات المنشورة عما سمي "استعراض عسكري للإخوان" صورة مبالغاً فيها عما جرى فعلاً. لا اعرف فيما إذا كان الإخوان يرغبون في إعطاء تلك الصورة.
من حيث الشكل هناك شبه بين هذه المسيرة، وبين تلك التي جرت قبل عام بعد الاشتباك الذي حصل في مدينة المفرق عندما تم حرق مقر الاخوان هناك، وقتها ردت الجماعة بمسيرة مشابهة في عمان، بينما جاءت المسيرة الأخيرة بعد الاشتباك الذي جرى في اربد قبل أسبوع.
غير ان هناك فارقاً شكلياً يتمثل في "اللوك" الجديد: فبينما ارتدى شباب الاستعراض في مقدمة مسيرة العام الماضي عصابات خضراء مائلة للصُفرة على رؤوسهم، كانوا هذه المرة يرتدون الكوفية الحمراء، بعد أن تم تحويلها الى عصابة مشدودة أعلى الرأس، وهي وضعية حمّالة أوجه من حيث الدلالات.
طابور الشباب هذا، كان يتحرك بانتظام، تجمعه صافرة طويلة، وتفرقه صافرة قصيرة، فيما يقوم حامل الصافرة بدور المنظم للخطوات، يتخلل ذلك اناشيد ونداءات إخوانية بحتة يحفظها ويرددها أعضاء المجموعة وحدهم.
المسيرة ككل، إذا قارناها بمسيرات الأسابيع الأخيرة، كانت كبيرة، فقد بدأت بحوالي ثلاثة آلاف وانتهت بحوالي ألف، وهذه أرقام جيدة نسبياً. غير أنها كانت مسيرة دفاع عن التنظيم لا أكثر. دعك هنا من كثرة الأسماء المشاركة الأخرى، فالإخوان لا يتوقفون عن السعي نحو حلفاء مؤقتين لخدمة غرض معين، لكن الشعور بفارق القوة تجاه الحلفاء يمنعهم من إتقان مشهد التحالف. إنهم في هذه المسيرة لم يتحملوا حتى مجرد الاصغاء للكلمات التي تلت كلماتهم، وهذه بالمناسبة من العادات السيئة لجميع التنظيمات السياسية. بما في ذلك في فترة "لجنة تنسيق أحزاب المعارضة"، التي كانت تتناوب على إلقاء الكلمات. إن الأحزاب الأردنية لم "تُربّ" أعضاءها على حسن الاستماع للآخرين من الحلفاء.
ومن الملاحظ هذه المرة أن "مجموعة الموالاة" غابت كلياً من وسط البلد، فغاب الاستفزاز، لقد بدا واضحاً أن تلك المجموعة تتحرك بتعليمات وتوجيهات، ولكن غيابها لعب دوراً في الكسل العام للمسيرة التي افتقدت الى "المحفز" الخارجي، وأنا هنا أضع هذه الملاحظة المزدوجة أمام الفريقين.
ما هي الصورة اليوم؟ هناك ثلاثة أطراف تعاني الارتباك: الحكم الذي يفشل يومياً في تقديم الاجابات، و"الحراك" بقيادة الاخوان الذين فشلوا أيضاً في أن يكونوا ممثلاً للناس وتحولوا الى الأهداف الذاتية (الجماعية والفردية)، وأخيراً الناس الذين وجدوا أنفسهم ينفرون من الحكم، لكنهم يحرصون على ان لا يكون نفورهم في خدمة الاخوان وباقي التنظيمات. إنه مشهد معقد قد تكون مساراته خطرة خاصة فيما يتعلق بمسار ارتباك الناس. ( العرب اليوم )