قطاع "التّمْسَحة".. قصة نجاح

مر زمان كانت فيه المساعدات المالية الخارجية التي تقدم لبلدنا وأمثاله، تجري بدرجة عالية من السرية، ولم يكن يعلم بها إلا أصحاب الشأن، وكانت الحكومات تنفيها أو تتجنب الحديث حولها، وكانت أحزاب المعارضة، تشير لهذه المساعدات على سبيل مهاجمة الحكومات وتحريض الناس ضدها.
كان هذا يعني أن الموقف الشعبي من المساعدات تميز بقدر كبير من "عفة النفس" العامة، وحتى الأموال العربية التي كانت تقدم لما كان يعرف بـ"دول الطوق"، كان الناس يتعاملون معها باعتبارها مساهمة عربية لدعم الصمود أمام العدو والاستعداد له، ولهذا كانت تسمى أموال دعم، لا مساعدات أو منح، وبالتالي فإن الأردنيين لم يكونوا يشعرون بـ"جمايل" أحد عليهم.
في السنوات الأخيرة تبدل الموقف الشعبي من الأمر بالتزامن مع وضوح الموقف الرسمي الذي أخذ يتغنى بالمساعدات المالية ويطلب المزيد منها ويعتبر الحصول عليها نجاحاً، وتدريجياً صارت مقايضة الموقف السياسي بالمال مقبولة في الكثير من الأوساط الشعبية وليس فقط الرسمية. وعلى مدار العقود الثلاثة الماضية، واصل كثيرون منا لوم الحكومات أنها لم تفعل ما فعلته مصر التي حصلت على مال كثير بسبب كامب ديفيد، وهو ما لم نتقن عمله مع وادي عربة، وتساءل آخرون علناً عن ضعف المسؤولين في المساومات مع الدول الكبرى ذات المصالح في المنطقة التي أوجدنا لها اسماً سياحياً هو "الدول المانحة".
كما تلاحظون فإن قطاع "التمسحة" يشهد نمواً متصاعداً. إنه في الواقع إحدى قصص النجاح في التعاون بين القطاعين الحكومي والأهلي. ( العرب اليوم )