الاعلام الرسمي جزء من الازمة
عندما يتسلّح أي مواطن بمجموعة من آلات الاتصال الالكترونية الصغيرة كالهاتف النقال بكاميرا او حاسوب محمول.... وينطلق إلى اي فعالية ويقتنص الأخبار ؛ فإنّ هذه التقنية الذكية تمكّنه من أن يتحوّل إلى صحفي ، وعندما يقوم أي مواطن بإعداد حديث صحفي مع شخصيّةٍ عامّة وينشر تفاصيله على مدونته الالكترونية فإنّ هذا العمل يخوّله أن يصبح صحفيًا محترفًا ، وعندما ينشر أي مواطن أخبارًا ومعلوماتٍ لم تسبقه إليها المؤسسات الإعلامية التقليدية العريقة فإنّ هذا السبق الصحفي يضفي عليه صفة الصحفي القدير،ان التكنولوجيا الحديثة والتطور الكبير في الشبكة العنكبوتية اجبر المواطن على التجرء والدخول في اجوائها التي لم يقتصر دخولها على فئة عمرية محددة او جنس محدد بل اخترقها الجميع وادخلها الى كل اركان حياته فاصبحت ضرورة من ضرورات الحياة حتى ان البعض ادخلها لغرفة نومه .
كانت هذه مقدمتي لكي احمل مسسئولية عجز الحكومات والانظمة في اقناع الناس ببرامجها وصدقها للاعلام الرسمي ولمن يعتمد عليه ، بل ان اقناع ادارات الاعلام الرسمي للحكومات واجهزتها الامنية بالضغط على وسائل الاعلام الخاصة وخاصة الصحف الالكترونية بالحبس والحجب والتهديد لعجز الاعلام الرسمي عن مجابهة الاعلام الخاص بمهنية ادى الى تراجع في مصداقية الاعلام الرسمي وبالتالي زعزعة الثقة بين الانظمة والحكومات من جهة والمواطنين من جهة اخرى ، لم يعد هذا الحل مقبولا في هذه الثورة من التواصل البشري ناجعا وقد نجحت المؤسسات الاعلامية الخاصة بكل اشكالها وطرق بثها في الصمود وفي تحقيق ارباح وصعد نجم الكثير منها على حساب تراجع مصداقية الاعلام الرسمي وخسارته المادية وانخفاض في نسبة متابعته ، لم يعد بمقدور الحكومات و/ او اجهزتها الامنية باتباع الاساليب السابقة في تحجيم ما يبثه الاعلام الفضائي والالكتروني الخاص ولم يعد بمقدور الاجهزة الامنية تخويف الكتاب او الناشرين على المدونات الشخصية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، اصبحت نسبة كبيرة من البشر تفضل التواصل عن طريق الشبكة العنكبوتية ومشاهدة القنوات الفضائية الخاصة التي لاتملك الحكومات اعاقتها لانها غالبا ما تبث من دول بعيدة .
ادهشني رئيس مجلس النواب الاردني عندما هدد التلفزيون الرسمي الوحيد في البلاد بل وهدد وزير الاعلام بانه سيجلب قنوات خاصة لبث كلمات النواب في حال بقي التلفزيون يتعامل باسلوب غير حضاري في نقل المعلومات للشعب الاردني ، كانت رسالته خشنة وكان من المفروض ان تاخذ ابعاد بعيدة و تفتح باب اصلاح الاعلام الرسمي الذي يحصل على دعم من الشعب منذ عشرات السنيين وعندما ترى اجهزة والات هذه المؤسسة تعتقد انك تعيش في الصومال فهي مهترئة وغير قادرة على مساعدة الاعلاميين المهرة المتمكنيين في تحقيق اي تميز مع ان اعلاميين وصحفيين الاردن من اميز الاعلاميين في المنطقة ولكن ترهل الادارات والتدخل في سياسة البرامج وتحديد اسمائها وضيوفها من اشخاص غير مهنيين ادى الى هذا التراجع كما وان التعينات والكادر الكبير الذي تم تعينه خلال السنوات الاخيرة في المؤسسات الاعلامية الرسمية والواسطات والمحسوبيات جعلها اشبه ببلديات مترهلة اداريا وماليا .
في الدول المتحضرة يستطيع الاعلام تغيير فكر الحكومات ويمكن ان يكون مرآة حقيقية لها فيجب ان ينقى الاعلام من الدخلاء والمتدخلين وعودة الكفاءات التي هاجرت واعادة تنظيم لكل مؤسسات الدولة الاعلامية ، في الماضي كان الاعلام مقتصرًا على البث التلفزيوني والإذاعي مما يجعل الأخبار والمعلومات محدودة وفي نطاق ضيق بسبب الاعتماد الكامل على تواجد المراسل أو الصحفي في موقع الحدَث ليقوم بأخذ الصور عن طريق كاميرته وبعض المعلومات من الأشخاص المتواجدين في موقع الحدَث ، وقد تأخذ المعلومات والأخبار وقتًا طويلاً كي تصل إلى بلدانٍ أخرى، اليوم الوضع مختلف تماما فما يسمى بالربيع فتح شهية الناس للتعبير عن سخطهم وغضبهم على سنوات الضياع وتراجع الامة واحتلالها ذيل قائمة الامم من خلال كل الوسائل المتاحة فلن يستطيع اي رجل مخابرات الاتصال مع كل هذا الكم الهائل من البشر في اي دولة ليحثه على وقف التعابير او يهدده او يخيفة ، وقد استغل فرصة هذا التخلف للاعلام الرسمي الاعلام الخاص وبرزت مواقع وقنوات واذاعات الى العالمية واصبحت تؤثر في اي دولة تريدها وتقود الشارع ضد نفسه دون ان يعلم .
دائما ما نسمع عن الشراكة بين القطاع العام والخاص والشعار الذي تطرحة كل الحكومات ليروج لبناء شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص ومع الاسف شركة الحكومة مع القطاع الخاص لا تتجاوز الشعار ولا تقبل الحكومة بهذه الشراكة وتريد القطاع الخاص شريك بلا رأي وتريده مروجا وداعما لقراراتها ، ماذا لو فكرت الدولة في تحقيق شعار الشراكة مع القطاع الخاص الاعلامي وقدمت له الدعم اللازم كما تقدم الدعم للاحزاب اليس القناة او الموقع الالكتروني يعادل حزب من الاحزاب التي تحاول الحكومات ان تصنعها وتنفخها امام الراي العام يجب ان تلتفت الحكومات الى الاعلام الخاص الالكتروني والفضائيات الخاصة والاذاعات وتقدم لهم كل الدعم وتوحد اهدافهم ليحملوا رسالة صدق للناس ومد جسور الثقة فلم يعد شعار لاتستمع الى اذاعات العدو يجدي نفعا عليك ان تقدم الحقيقة مهما كانت مرة والله اني اشفق على الحكومات خاصة عندما تقدم شيء ايجابي وواقعي يتحول الى سلبي خرافي عندما يسلم ترويج هذا الشيء الى الاعلام الرسمي