سر العشق الامريكي الاسرائيلي

تم نشره الإثنين 29 نيسان / أبريل 2013 06:51 صباحاً
سر العشق الامريكي الاسرائيلي
الدكتور شفيق علقم

ثمة تساؤل يجول بخاطر كل باحث في السياسة الامريكية - الاسرائيلية عن سر العشق الامريكي الاسرائيلي ، فهل ثمة وشائج او علاقات تفسر هذا العشق والهيام المفرط ؟ وما مدى هذا العشق الذي بلغ درجة الوله والهيمان ؟ وهل هناك روابط مصيرية تستند إلى مصالح استراتيجية امنية مشتركة ؟ او ثمة دوافع اخلاقية قوية تبرر مستوى الدعم الاقتصادي والمالي العالي الملحوظ ، والمؤازرة الدبلوماسية والعسكرية المفرطة ، التي تقدمها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني ، فالدعم الاقتصادي والمالي هو العامل الاول – كما يعتقدون - للحفاظ على امنهم واستقرارهم وسبب تقدمهم وازدهار صناعاتهم ، وسبيلهم للسيطرة والتوسع ، حتى انهم عند قيام كيانهم عام 48 كانوا يستثيرون حماسة اليهود في العالم لاستقطابهم للهجرة إلى فلسطين باثارة العامل الاقتصادي والمالي؛ اذ بين اليهود وبين المال عشق قديم موروث ، حيث احبوه لدرجة العبادة.

ففي هذا المجال المالي والاقتصادي ، تعد اسرائيل اكبر متلق للمساعدات الاقتصادية الامريكية المباشرة منذ عام1976 ، وهي اكبر متلق منذ الحرب العالمية الثانية ، بحصيلة بلغت 140 مليار دولار ، وتحصل اسرائيل على ثلاثة مليارات دولار كمساعدة مباشرة سنويا ، اذ تستلم هذه المخصصات بالكامل في بداية كل سنة مالية ، وتستطيع كسب فوائدها الربحية ، اقول هذا السخاء اللافت للنظر ، والتفاني في تقديم الدعم اللامحدود ؛ بالرغم من ان اسرائيل اصبحت دولة صناعية غنية ، تبيع الاسلحة والمعدات الحربية لدول كبرى كالمانيا والصين ، ويعادل متوسط الدخل فيها تقريبا ما هو موجود في كوريا الجنوبية او العملاق الاسباني.

اما على الجانب الدبلوماسي ، فمعلوم ان الصهيونية تولي هذا الجانب اهتماما خاصا ؛ فهي تعلم ان النصر وكسب المعارك العسكرية او التفاوضية ، يمهد له بالاتصالات الدبلوماسية الذكية ، سئل جنرال صهيوني ما عوامل انتصاركم على العرب في كل الحروب ؟ اجاب ننتصر على العرب بخمسة عوامل ، هي العامل السياسي والعامل الاعلامي والعامل العلمي والعامل الروحي والعامل العسكري. اما العامل الاهم من وجهة نظر الكاتب ، فهو الدعم الامريكي ، ومن ورائه اللوبي الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية ، التي تمثل الدرع الواقي وقوة الردع والصد عن الكيان الصهيوني ، وهذه امثلة:- ففي حرب 1967 ، اصدر مجلس الامن والهيئة العامة للامم المتحدة قرارات تنص على عودة اللاجئين ، وعلى عدم اقرار التدابير الاسرائيلية لضم القدس للكيان الصهيوني ، وعلى انسحاب القوات الاسرائيلية من الاراضي المحتلة ، لكن اسرائيل تحدت الهيئات الدولية تحديا سافرا ، ولم تنفذ اية قرارات من قراراتها ، وذلك بدعم ومؤازرة من الولايات المتحدة الامريكية ، ومع ذلك فان اسرائيل تتظاهر بنشاطاتها السياسية بالسلام ، وكسب عطف الدول الاجنبية ، واجبار العرب على الصلح ، وهكذا تقدم اميركا لاسرائيل دعما ومساندة سياسية دبلوماسية مستمرة كاملة على مختلف الصعد ، حيث استخدمت حق النقد الفيتو 32 مرة لصالح اسرائيل ضد قرارات مجلس الامن التي تنتقد اسرائيل ، كما ان الولايات المتحدة تحبط باستمرار جهود الدول العربية لوضع ترسانة اسرائيل النووية على جدول اعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ودائما تقف إلى جانبها في اية مفاوضات من اجل السلام.

اما على الجانب العسكري، فحدث ولا حرج ، فهاجس الولايات المتحدة وهمها الاكبر هو امن اسرائيل الاستراتيجي وحمايتها ؛ فمع ان اسرائيل اولت هذا العامل العسكري اهتماما بالغا ؛ لانها كيان معتد دائما ، ولها اطماع تمدد توسعية ، فقد تحولت اسرائيل بكاملها إلى معسكر تدريب كبير يضم كل الطاقات المادية والمعنوية الاسرائيلية ؛ اذ يبدأ التدريب العسكري لكل اسرائيلي من عمر 12 سنة ، ويستمر حتى 18 سنة ؛ حيث يلتحق الفرد بعد ذلك بالجيش لاداء الخدمة العسكرية الالزامية، وبعد اتمام مدة الخدمة يسرح ليصبح جنديا احتياطيا يدعى للخدمة عند الحرب ، وتهدف اسرائيل من عسكرة شعبها إلى رفع المعنويات ،والتوسع على حساب العرب، اما من حيث الدعم الامريكي العسكري ؛ فتقدم اميركا للكيان الصهيوني مساعدات عسكرية ضخمة بلا حدود ، وتستخدم اسرائيل 25% من قيمة هذه المساعدات لدعم صناعتها العسكرية ، وتشترط اميركا من الدول التي تمنحها مساعدات عسكرية انفاقها داخل الولايات المتحدة الامريكية ، اما في حالة اسرائيل فلا يطلب منها ذلك ، ولا يطلب منها كذلك تقديم كشف عن كيفية انفاق هذ المساعدات كما يطلب من غيرها.

لقد قدمت اميركا لاسرائيل 3 مليارات دولار لتطوير انظمة التسليح لديها ، كما انها تمنحها امكانية الوصول إلى احدث الاسلحة ، مثل مروحيات بلاك هوك، وطائرات ف -16 المقاتلة ، وتسمح لاسرائيل بالوصول إلى معلومات استخبارية ترفض اميركا اعطاءها لحلفائها في الناتو، وقد اغمضت اميركا عينيها عن حصول اسرائيل على اسلحة نووية ، وتهب لنصرتها في كل اوقات الحرب.

نعود لنتساءل ،ما سر هذا العشق الخطر والقاتل احيانا ، وهل ثمة تبريرات لكل هذا الدعم اللاخلاقي الذي يستخدم لقتل الفلسطينين وتدمير منازلهم ، وحرق مزارعهم وممتلكاتهم ؟؟!! انه من الجلي الواضح ان الذي يقف وراء هذا الدعم اللامحدود اللوبي الصهيوني وجماعات الضغط اليهودية ، التي لا حول لاميركا عليها ولا قوة ، حتى انهم سلبوها حرية اتخاذ قراراتها الوطنية ، ولو تعرض امنها للخطر.

ان من ثوابت الاستراتيجيات الامريكية في الشرق الاوسط مما يعتبر خطا احمرا يمس الامن القومي الامريكي عاملان ، هما ، امن اسرائيل وحمايتها ودعمها باي ثمن ، وتأمين النفط والمصالح الاستراتيجية الامريكية الاخرى.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات