تعالوا نصطاد في الماء الصافي

كان أمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي يتحدث في ندوة في الجامعة الأردنية، وكان سياق الكلام حول الاصرار على عقد الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد، ومما قاله الشيخ إن مسؤولاً أمريكياً صرح في وقت سابق بقوله: "خسرنا مصر ولا نريد أن نخسر الأردن، وأنا أقول له ربحنا مصر وسنربح الأردن".
بعد ذلك قامت بعض المواقع الالكترونية بنشر تصريحات الشيخ كما قالها، لكنه سرعان ما أصدر تصريحاً يتهم فيه المواقع بنشر كلام "محرّف" لأن ما قاله هو "أن مصر رابحة والأردن رابح"، ووصف عملية النشر "المحرّف" بأنه "دَسّ رخيص" وأن "على الذين يصطادون بالماء العكر ان يكفوا عن افتراءاتهم".
بالطبع نشرت المواقع تصريحات الشيخ الجديدة، ولكنها دافعت عن نفسها عن طريق نشر تسجيل بالصوت والصورة للكلام الأصلي الذي جاء مطابقاً للصيغة الأولى. وهي بذلك تنفي أنها قامت بدس رخيص ولم تفترِ أو تصطاد بالماء العكر.
قد تكون القصة بسيطة، بل إن من حق أمين عام حزب ان يتحدث عن ربح وخسارة في موضوع السلطة، ولكن بهذه المناسبة أرجو ان يسمح الإخوة في الحركة الاسلامية ببعض الاصطياد، ولكن - بعون الله- بالماء الصافي.
في الثقافة السائدة، يحظى "المتديّن" بمكانة محترمة، ويزاوج الناس بينه وبين منظومة أخلاقية تشمل الصدق والوفاء والأمانة والتسامح وعفة اللسان وغير ذلك مما يعتبر من "أخلاق المسلم".
وعندما يصبح "المتدين" سياسياً، يكون من حقه الاستفادة من هذه المكانة المتحققة مسبقاً. ولكني أود في هذا السياق ان ألفت أنظار الإخوة في الحركة الإسلامية، الى أن السنتين الأخيرتين شهدتا تراجعاً مقلقاً على هذا الصعيد. حصل ذلك في مصر وتونس تحديداً، ولكن في باقي الدول ومنها الأردن أيضاً. لقد صار الكلام عن أخلاقيات ممثلي وأعضاء التيار الاسلامي سهلاً. وأنا بما أمكنني من حيادية، أرجو أن يكون موضوع أخلاق العمل السياسي ميدان نقاش داخلي في الحركة، على الأقل لكي لا نخسر "اسلاميينا" في الأردن. ( العرب اليوم )