مطلوب «لجنة حكماء» .. ولِمَ لا؟!

أمامنا مهمتان يجب أن نتحرك باتجاههما في أسرع وقت ممكن، الاولى- اعادة الهيبة للدولة، والثانية- اعادة “العافية” للمجتمع، على صعيد المهمة الاولى، يمكن ان نستطرد في اثبات “الضرورات” الواجبة لتحقيق ذلك، ابتداءً من الاحتكام لموازين العدالة الى ترسيخ استقلالية المؤسسات الى بناء منظومة للنزاهة الوطنية.. وصولاً الى مراجعة “وصفة” الاصلاح والتوافق على “مشروع” سياسي يتناغم مع استحقاقات اللحظة ورغبات وتطلعات الناس، خاصة بعد ان “اختبرنا” الوصفة الاخيرة وثبت لنا بأن افرازاتها لم تكن كما توقع مصمموها..وبأنها – بالتالي – لم تسعفنا في الخروج من الازمة التي يعاني منها بلدنا.
على صعيد اعادة “العافية” للمجتمع ايضاً يمكن التذكير بما تعرضنا له من اصابات في السنوات الاخيرة، وبما يواجهنا من “تحولات” وتحديات، سواءً فيما نتابعه من “عنف” في حقولنا الاجتماعية والتعليمية او فيما نراه من “تصدعات” يخشى ان تعصف بوحدتنا الوطنية، كما يمكن “التذكير بأن هذه المهمة تحتاج اولاً الى الخروج من حالة “الانكار” التي ما تزال نتعامل بها مع امراضنا الاجتماعية، وتحتاج – ثانياً – الى اجراء “مصالحات” داخل مجتمعنا تنهي حالة “الانقسام” والثنائيات واوهام الاشتباك والقطيعة، وتحرر “الناس” من اوهام الصراع والتنابذ، وتجرّم “العبث” في نواميسنا الاجتماعية والوطنية، بحيث يلتزم “الجميع” بعدم التدخل او اللعب في هذه الاوراق لا من جهة التوظيف السياسي ولا من جهة الاستخدام الديني او الفئوي او سواهما.
لانجاز هاتين المهمتين نحتاج الى الخروج من “علبة” الحلول الجاهزة، والذهاب فوراً الى عنوان جديد بعيد عن المألوف “الذي جربناه”، واعني هنا بالمألوف “الفزعات” التي نهرب اليها عند أية مشكلة، او “الوجوه” التي تحاول “تسيّد” الصفوف لطرح مقارباتها، او المؤسسات التي لا تحظى بما يكفي من “ثقة” لدى الناس، او حتى المقررات الاسترضائية والاخرى “الرادعة” التي يتم تجريبها بلا جدوى.
اذا سألتني عن “العنوان” الذي يفترض ان نذهب اليه بلا تردد فهو “الحكمة”، وهذه القيمة تحتاج الى “نخبة” من “الحكماء” الموثوق بنزاهتهم ووطنيتهم ورجاحة رؤيتهم، بحيث يسند اليهم مهمة وضع ما يلزم من تصورات ومقترحات لاعادة هيبة الدولة اولا وتمكين المجتمع من النهوض بدوره ثانياً، وفي التفاصيل يمكن تشكيل لجنة من “الحكماء” من السياسيين والاكاديميين والاعلاميين من ذوي التجربة والخبرة، وممن يحظون باحترام اغلبية المجتمع، للبدء في اعداد “مدونة” اصلاح وطني، تكون بمثابة “خطة” ببرامج واضحة ومحددة زمنياً وبضمانات سياسية للتنفيذ، وتعطى هذه اللجنة مهلة شهر او شهرين لانجاز مهمتهما، وفي اثناء ذلك لا بد من عرضها للنقاش العام والتواصل مع المجتمع بكافة أطيافه لمعرفة توجهاته حولها.. وصولاً الى “اعلانها” عبر مؤتمر تشارك فيه كافة القوى السياسية والاجتماعية.
لجنة “الحكماء” هذه غير رسمية، وعابرة “للاختلافات” السياسية والحزبية ومهمتها الاساسية مناقشة “الملف الداخلي” بعيداً عن المواقف المتعلقة “بملفات” الاقليم، الا من زاوية “تأثيرها” على اوضاعنا الداخلية، ويمكن هنا التوافق على “مشتركات” ذات اولوية ملحة، وتأجيل او جدولة “ملفات” اخرى قد تعيق الوصول الى تفاهمات تحظى بالاجماع. ( الدستور )