الحب العذري و الصابون النابلسي

تم نشره الأحد 05 أيّار / مايو 2013 10:19 مساءً
الحب العذري و الصابون النابلسي
ظاهر احمد عمرو

سيستغرب القارىء من ربط الحب العذري بالصابون النابلسي و حتى لا اجعله ينتظر طويلا لمعرفة ذلك اوضح له التالي :

الواقع ان جيل النكبة الفلسطينية الثالث و هو جيل ابنائي و بناتي , هذا الجيل لا يعرف معنى الحب العذري كما عرفناه نحن و كذلك لا يعرف معنى و قيمة ان يكون الصابون نابلسيا .

فالحب العذري هو الذي قرأنا عنه في الادب و الشعر العربي حيث ارتبط في ايام العرب قبل الاسلام الكثير من الاسماء التي اشتهرت بمثل هذا النوع من الحب امثال عبلة و عنترة - مجنون ليلى - جميل و بثينة - لبنى و قيس, و كانت معلقات الشعر تبدا بالحديث عن هذا الحب كما في بيت شعر لكعب بن زهير :

بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ **** مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ

و يعني ذلك مشاعر الحب الجميل و لكن عن بعد و مشاعر العشق و الوله من كل طرف للأخر و بدون لقاء او صور او فيديو او جوال او فيسبوك او بريد الكتروني .

و انما مشاعر متأججة يستعد الانسان ان يضحي بحياته من اجل الطرف الاخر و كان حبا شريفا عفيفا طاهرا و لذلك جاء الاسلام بعد ذلك ليؤكد حرصه على اعراض الناس و يحرم اللعب و العبث و الاعتداء عليها و هو تأكيد على القيم و الشهامة و الاخلاق العربية العالية .

و لذلك فجيلنا و هو الجيل الثاني للنكبة الفلسطينية ورث هذه العادات و هذه التقاليد بالاضافة الى البعض الذي ورث التدين ايضا .

فنحن و رغم أننا جئنا من بيئة قروية و دخلنا الجامعة المختلطة و في عصرنا كان الاختلاط جديدا علينا و لباس الفتيات كان فاضحا و غير محتشم و لكن لم يخطر ببالنا أي سوء تجاه هذه الفتاة سواء كانت زميلة في الدراسة او بنت الجيران او ابنة العم او الخال انما جميعهن نعتبرهن عرضنا و شرفنا و التقرب هو للحفاظ عليهن و لحماية هذا العرض و الشعور الكبير تجاه الجنس الاخر كان شعور المحبة و التقدير و الاحترام و الحرص و لم يكن شعورا مرتبطا بالجنس .

اما شعور الحب العذري فانا عشته حقيقة مع ابنة عمي عندما كانت خطيبتي حيث تمت الخطبة بين الاهل و نحن صغار ( عطية جورة ) و هي الان زوجتي حيث كنت عندما اسمع خبرا عنها من الاهل او الاقارب اكون منتشيا و في منتهى الفرح و السعادة و الحبور و عندما كنت اكتب رسالة لها حيث كنت اعيش في الاردن و هي تعيش في فلسطين كنت ابيضها اكثر من اربع او خمس مرات اي اعيد كتابتها و صياغتها حتى تصل على اكمل و اجمل وجه و كلها تعبر عن قمة الشعور الجميل و الرائع تجاه الطرف الاخر .

في هذا العصر اعتقد ان هذه المشاعر الجميلة و الرائعة بعد الانفتاح الاعلامي الهائل و لسهولة اللقاء و الاختلاط و الاتصال خف هذا الشعور الجميل حتى تلاشى الا عند فئة قليلة و هي الفئة المتدينة بعمق , فأتحسر على فقدان هذا الشعور الجميل الرائع عند هذا الجيل .

اما الصابون النابلسي فله حكاية اخرى فلن يستعمل هذا الصابون الا جيلنا و هو الجيل الثاني للنكبة و لكن الجيل الثالث كابنائي و بناتي لا يعرفونه و لا يستعملونه و لا يستمتعون به .

فنحن في جيلنا الثاني عندما نستعمل هذا الصابون فاننا نشتم فيه رائحة فلسطين لانه مصنوع من زيت الزيتون الفلسطيني و مرتبط بصناعة فلسطينية كاملة و ليس تقليدا لاي منتج غربي و فيه عراقة عائلات فلسطينية ضاربة في اعماق التاريخ و التي صنعت ذلك الصابون قبل ان ترى فلسطين مستعمرا او صهيونيا واحدا .

فالعدو الصهيوني سرق من الشعب الفلسطيني كل شيء ابتداء من ارضه و تاريخه و سرقة تراثه و لباسه و نسبوه اليهم و سرقوا مأكولاتنا الشعبية ايضا من فلافل و حمص و فول و في المستقبل قد نرى سرقتهم لاكلة المسخن و المقلوبة و المنسف حتى يجردوننا من كل شيء تقريبا . و الشيء الوحيد الذي لم يحاولوا سرقته هو الصابون النابلسي لكونه مرتبط بالنظافة و الطهارة و التخلص من كل الاوساخ و القاذورات و لهذا بقي هذا الصابون لنا لنستعمله لتنظيف ارضنا و وطننا فلسطين التاريخية من رجسهم حين يغربوا عن وجوهنا و يزول هذا الاحتلال الغاصب فلا بد من غسل و تطهير كل شبر من ارض فلسطين التاريخية من هذا الدنس .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات