البلاد والعباد قبل خبر كان

الحزن والقهر والقرف يلف الناس من الشمال الى الجنوب، والفقر يحاصر الجميع، والامراض المزمنة من اعلى النسب بالعالم. ونحن ثالث افقر دولة بالعالم في المياه، وفي مستوى أسوأ بالنسبة للطاقة، وعلينا مديونية مستحيلة السداد، وموازنة دولة اقل من مصروف الوليد الشهرية، ونحن بلا قطاع عام تقريبا بعد بيعه بثمن بخس، والأمر هنا يشابه حال عوض الغوراني الذي باع بيارته ويعمل بها الآن حارساً.
ملفات الفساد معنونة بسري ومكتوم، والبذخ على أوجه لعلية القوم، ويقال إن كلف ملابسهم بعشرات الملايين ومئاتها لما تضاف اليها الاحذية. اما عن السيارات الفارهة والقصور وجلب مياه الشرب من فرنسا فحدث ولا حرج، ومعها ما يخص السهر والسفر وليال لم يعد مهما لونها، وان يحلق الخيال بها غربا ثم غربا.
لنا مجلس نواب نشر عنه أن اكثر من ثلثي اعضائه عليهم قضايا بالمحاكم، ولنا حكومة حصلت على الثقة وهي قيد التعديل والفك والتركيب، وترى الناس في كل وقت سكارى وما هم بسكارى، ويتبادلون الكراهية والاحقاد بلا سبب واضح ولأتفهه إن وجد، ويتفاخرون بما لا يقدم ولا يطور بقدر ما يكرس مزيدا من التخلف، والجهل يحيطهم ذات اليمين وذات اليسار، وإنْ تخاطبهم لا يقولون سلاما.
أحوال الدولة والحكومة والنواب والناس، او «الاحوال العامة» على اكثر ما يكون من الخطر، واستمرار تفاقمها سيذهب بكل شيء الى الجحيم قبل ان تجد من يعالجها. وان ليس هناك من يقدر الامور في ميزانها على ما هي عليه من مرض، او من لا يرى المنحدر الذي يسير فيه الجميع، او من لا يتعظ وما يزال يلدغ من ذات الجحر مرات، وليس مرتين فقط، ويقول بعد كل مرة بالايمان وفوقه المنعة وهذه كذبة وتلك كفر، اذا كان كل ذلك وما هو أسوأ ما يلف الاحوال كلها، فإن الأوان ليس لكل ما هو ماثل ومن يمثله ابدا، وإنما لغيره تماما ومن غيرهم ايضا. ( السبيل )