صلاة مرافق المسؤول
يدخل صاحب المنصب الرفيع الى مكان العمل ويتفقد الكادر الذي يتبع له , يقفون في نظام مهيب , يبدو الالتزام عليهم وكأنهم عقارب الساعة السويسرية ذاتها التي لا تخطئ , الكل متصلب ومتشنج ويتغامزون ويؤشرون بالابهامات حيناً, وأحياناً أخرى بكل الأصابع لبعضهم البعض محذرين وموجهين لكيفية التصرف وماهية العرض أمام سيدهم المسؤول الكبير, بل وربما ترتفع الحواجب وتنزل إذا تعذر التاشير بالأصابيع .
لا أدري لماذا عند العرب تحديداً نجد نفاقاً وجبناً من مسؤولنا المباشر ! أو الذي يكون أعلى منه, لماذا عندما يتنحنح نتصلب ,وعندما يكح نتجفل , وعندما (ي...) نتبسمر , وعندما يأكل نشعره بشبعنا وعندما يشرب نشعره بارتوائنا, وعندما يلبس نشعره بدفئنا وتألقنا وتشخيصنا(بلبسه) الزاهي على جسده مع أننا (مشرتحين ), لماذا إذا تنفس نستشعر انتعاش الهواء ,وإذا (ريح ضميره)نشعره بأننا خاليين من المتاعب ومرتاحي الضمير أكثر منه ونتنفس صعداء الخروج من الخلاء.
حتى في زيارات المسؤولين عالي المراتب لدائرة وكادرها يتبعون له تجد وقوفه وجلوسه وكلامه وتشديداته و(ارتخاءاته) كلها محط اهتمام بنفاق لشخصه أو رعب من ذاته وليس تقديسا واهتماما أبداً أبداً لتعليمات وأنظمة تلك الدائرة , تجد صغار الموظفين (عشاق التملق ومسح الجوخ) تحديداً مع لحظات إصدار التعليمات والملاحظات من ذاك المسؤول المرعب يستمعون له وهم محتبسي الأنفاس ويتبحلقون به وهم مشدودي الحواس ويقفون أما عظمة و(هيبة سيدهم) بكل إجلال وإكبار وتعظيم للكرسي الذي يجلس عليه ولا لشيء آخر .
حتى وصل الامر بالعديد من مستقبلي ومرافقي بعض المسؤولين إذا حان موعد الصلاة ان يقفوا ومن باب تأدية كل الحركات التي يقوم بها ومرافقته في كل جوانب جولته التفقدية والتفتيشية أن يقفوا معه في الصلاة ولو بدون وضوء المهم ما يتركوا الباشا والبيك يقوم بعمل لوحده .
احنا شجعنا الفاسد يشتد فساد علينا فالشعب غالباً هو مانح فرصة الفساد للفاسدين ,فعندما يكون شغلنا الشاغل ان نعطي التعظيم والشخصنة للاشخاص والكراسي ونقوم بمتابعة تصرفاتهم ولو على حساب رضا الله وعدم تحقيق الشروط المطلوبة لرضاه ولو وصل الامر للصلاة ,وان تصبح الصلاة من اجل رضا بروتوكول زيارة المسؤول وأن تكون كل حركاتنا حين يتكلم ويقوم ويقعد ويجلس ويتمتم ويتصرف كل تصرفاته ونحن متصلبون أمامه ومتحجرون قبالته,بل والأغلب يكون عند حديث المسؤول العظيم يستمع وهو فاتح ثمه ومرخي(حواجبه) بحياتنا ما بنتقدم خطوة باتجاه الكرامة .