إلى عشاق ريال مدريد وبرشا

تم نشره الأحد 12 أيّار / مايو 2013 07:14 صباحاً
إلى عشاق ريال مدريد وبرشا
الدكتور : شفيق علقم

ظاهرة غريبة عجيبة غير قابلة للفهم والاستيعاب ، كذلك هي مؤلمة وقاسية وصاعقة ومؤثرة على النفس والروح والضمير ، عصية على الادراك والتحليل والقبول ، يهيم بها شبابنا إلى درجة الوله والتتيم والهيمان ؛ حتى انحدرت بهم القيم إلى اسفل سافلين ، ووصل بهم الافلاس النفسي والوجداني والثقافي والوطني إلى قاع الذل والهوان ، والى درجة لا يحمد عقباها ؛ فباتت منظومة القيم والاخلاق لديهم تتأرجح في دياجير الهوس والظلمة والانحلال والفساد ، ما يصفق له شبابنا وشاباتنا بل ويترنحون له ثمالى ، طربا ونشوة وسكارى اثناء تشجيعهم الاندية الاوروبية ، وبخاصة ريال مدريد وبرشلونة ، تشجيع اعمى منقطع النظير، حيث ازدحمت من اجله المقاهي التي يندر ان تجد فيها مكانا لواقف ، تعصب وحماس زائد ونادر لتلك الاندية، ذاك الذي سكن قلوب شبابنا وشاباتنا - مع الاسف- وسيطر على عقولهم وافئدتهم ، يحفظون تواريخ هذه الاندية وفعالياتها واسماء لاعبيها بكل جدارة ودقة واعجاب ، اكثر مما يحفظون تاريخ بلادهم او اسماء ابطال امتهم المجيدة ، يحبون هذه الاندية ولاعبيها حتى النخاع ،ويتباهون بها بحماس شديد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( يحشر المرء يوم القيامة مع من احب).

باتت هذه الظواهر تتفشى بين شبابنا وشاباتنا في كل مكان، في المدارس والجامعات والاندية والشوارع والمنازل ؛ حتى بين الاسرة الواحدة يبدأ التحيز والانقسام ، تنشب المشاحنات والمشاجرات من اجل خواطر وعيون ريال مدريد وبرشلونة ، وتتفاقم الامور لتصل إلى العشائر والجماعات ، وفجأة تتفجر الصراخات والصياحات والتصفيقات والهلوسات بحدة زائدة في المقاهي التي تغص بالرواد ، والشوارع التي تضيق بالسيارات التي تخرج بمواكب احتفالا بتغلب هذا الفريق على ذاك ، تزعج الناس باصواتها وابواقها فتبدأ الهستيريا غير العادية تتملك الشباب، فيهتف هؤلاء للفريق الذي يساندونه وينحازون اليه ،ويتوعدون الفريق الآخر وانصاره بالهزيمة والشتائم والسباب ، وربما تصل إلى القناوي و الهراوات( ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله) صدق الله العظيم، ازاء ذلك كله ، فان شبابنا وشاباتنا بحاجة إلى دراسة نفسياتهم وتشريحها وعلاجها .

قيل ان الرياضة وعالم المستديرة ليس لهما دين او وطن - كما يزعمون - ولكن ليس إلى درجة الجنون والهيام والولهان ، ومع ان هذا القول غير صحيح وخاطئ في نظري ، فان للكرة دين ولها اوطان ، والا فلماذا نفرح لفوز فرقنا الوطنية والاسلامية؟!

لقد اصبح التعصب للاندية الغربية لدى شبابنا يفوق كل الروابط الدينية والاسرية والاجتماعية ، نعم، قد يكون في اللعب احيانا اثارات غير طبيعية ؛ولكن ليس إلى حد ان ننسى انفسنا ، وراء ذلك التعصب الاعمى ، ووراء الكرة المجنونة، اننا نفهم المشكلة لو انحاز هؤلاء الشباب والشابات إلى فريقنا الوطني الاردني او العربي بتشجيعه بالهتاف والتصفيق ، اما ان ينحاز هؤلاء إلى الاندية الاوروبية إلى درجة فقدان العقل ؛ فهي الطامة الكبرى ، العصية على الفهم الذي يقبله عاقل.

لقد باتت منظومة القيم والعادات والاخلاق لدى الشباب تتأرجح في دياجير الظلمة والفساد والانحلال والتردي ، فما يرقص له شبابنا ويصفقون له طربا ونشوة اثناء تشجيعهم الاندية الاوروبية وبخاصة ريال مدريد وبرشلونة، تشجيع غير مبرر وهو انحياز اعمى منقطع النظير، ازدحمت من اجله المقاهي التي انتشرت في كل مكان، تعصب وحماس نادرين وزائدين لتلك الاندية الغربية ، ذاك الهوس الذي يسكن الشباب ويسيطر على عقولهم ،يحفظون تواريخ هذه الاندية واسماء لاعبيها وفعالياتها بشكل عجيب غريب ، اكثر مما يحفظون تاريخ بلادهم ،يحبون ميسي ورونالدو وبقية اللاعبين ، ويحتفظون بصورهم بل ويتشبهون بهم في تقاليعهم وصيحاتهم في حلاقة رؤوسهم وملابسهم ؛ لكنهم يجهلون اسماء قادة الاسلام امثال خالد وصلاح الدين وابي عبيدة.... يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم( يحشر المرء يوم القيامة مع من احب) هؤلاء هم شبابنا .

وعلى الجانب الآخر؛ فان حقيقة ريال مدريد وبرشلونة انهم احفاد رجال محاكم التفتيش، هؤلاء الذين يحبهم شبابنا وشاباتنا ويرقصون لفوزهم وغلبتهم في الكرة ،ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها من اجلهم ،هؤلاء هم احفاد الذين سببوا افظع مآسي التاريخ للمسلمين في الاندلس ، مآسي يندى لها الجبين ، حيث شهدت تلك الفترة اعمالا بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التفتيش، اجداد ريال والبرشا ؛ لتطهير اسبانيا من آثار الاسلام والمسلمين ، وابادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان ، فهاجر كثير من مسلمي الاندلس إلى شمال افريقيا بعد سقوط مملكتهم فرارا بدينهم وحريتهم من اضطهاد النصارى الاسبان الحاقدين ، وعادت اسبانيا إلى دينها القديم ، وقد اجبر بعض المسلمين على التنصر او الرحيل، وقضت روحهم النصرانية المتعصبة إلى مطاردة وظلم وترويع المسلمين العزل، انتهى بتنفيذ حكم الاعدام ضد امة ذات حضارة ، ودين ملأ الدنيا عدلا وتسامحا على ارض اسبانيا ،شن اجداد هؤلاء من الاسبان حربا ضروسا شاملة بلا رحمة ولا هوادة ، وصارت الاقاليم الاسلامية المحتلة خاضعة لسلطة محاكم التفتيش اثناء فترات الهدنة او الفترات التالية لمعاهدة السلم.

لقد مارست محاكم التفتيش في ابادة المسلمين في الاندلس ابشع اساليب التعذيب المرعبة ، كتمشيط الاجساد بامشاط الحديد ، واحراق المصاحف والكتب وكل اثر للاسلام والمسلمين في الاندلس ، لقد اقاموا حفلات التباهي لاحراق المسلمين، فاثناء احتفالاتهم الدينية كان يؤخذ الرجل فيحفر له في الارض حفرة فيجعل فيها ثم يؤتى بمنشار فيوضع على راسه فيجله نصفين ،عمليات تعذيب بشعة تعرض لها المسلمون من قبل محاكم التفتيش في الاندلس، كان يوضع الشباب في توابيت مثبتة في داخلها السكاكين والخناجر ثم تطبق عليهم ليلاقوا حتفهم مباشرة ، متأثرين بالسكاكين في داخلها، وكانوا يجبرون على شرب كميات كبيرة من الماء حتى تنفجر معدهم ليموتوا فورا ، ولم تسلم النساء من اساليب وفنون تعذيبهم على الكراسي الحديدية او الحرق او الصلب والتعليق على المجازر.

واليوم هذه النوادي والفرق تقف علانية مع العدو الصهيوني نكاية بالعرب والمسلمين ، فقد دعا نادي برشلونة الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط لحضور مبارياته وتكريمه فيها ، وهذه ليست المرة الاولى التي يستفز بها البارشا جمهوره العربي؛ حيث سبق لمدربه غوارديولا الذي قام بزيارة اسرائيل وصديقته شاكيرا الكولومبية ذات الاصول اللبنانية، وكذلك مدافعه جيرارد بيكيه ، الذي زار اسرائيل واحتفل باعيادهم والتقى بمسؤوليهم ، واخذ الصور التذكارية امام حائط المبكى ، واقام الطقوس اليهودية معهم، نكاية بالعرب والمسلمين ، كما سبق لمدرب الفريق الكتالوتي غوارديولا المشاركة في احتفالات قيام الدولة العبرية لتأكيد العلاقة القوية التي تربطه باسرائيل، ورغم كل ذلك، يبقى الشباب العربي يلهث وراء الرياضة الاسبانية المتمثلة بفريقي ريال مدريد وبرشلونة ،ولا يعلمون ان اجداد هؤلاء وآباؤهم كانوا سببا في هلاك امة الاسلام في الاندلس.

سئل هتلر ذات مرة : من احقر الناس الذين قابلتهم في حياتك ؟ اجاب : اولئك الذين ساعدوني على احتلال بلادهم !!!

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات