عشتار لم تقتل في جبهة الحرب

تم نشره الإثنين 13 أيّار / مايو 2013 10:53 مساءً
عشتار لم تقتل في جبهة الحرب
هادي جلو مرعي

لم أنس عشتار يوما وكلما نظرت في الأشياء وجدت لها إسما محفورا في الذاكرة حتى تلك المشروخة ،وعلى ماأجد إن ذاكرتي مشروخة على الدوام بسبب عوامل طبيعية ،وأخرى خارجية تعود لطبيعة الأحداث المحيطة بي على مستوى العمل والتفكير والعلاقات العامة والمشاكل التي تضرب البلاد والعباد وتسبب الأرق الممض لي ولأمثالي من العراقيين وتنهش الذاكرة المتبقية لديهم .

عندما كنت صغيرا كانت أول ثلاجة تدخل بيتنا الصغير،أو لأقل غرفتنا الطينية في القرية ثلاجة عليها علامة ( عشتار) وكانت هناك أجهزة منزلية تحمل ذات العلامة التجارية ويبدو في حينها وهو الأمر الذي لم يتوضح لي لأني كنت صغيرا، إن تلك العلامة هي لشركة عراقية تقوم بتصنيع أجهزة كهربائية ومنزلية مختلفة لأغراض متنوعة ساهمت الى حد بعيد في التخفيف عن معاناة الناس في الصيف والشتاء وجعلتهم يعيشون مع الآلهة التي دخلت المنازل لتذكر بالجمال الأسطوري عبر ثلاجة، أو مبردة هواء، أو مروحة أو مجمدة ،أو طباخ بسبع عيون .

أخذت الحرب العراقية الإيرانية التي إستمرت لثماني سنين كاملة عشتار الى الجبهة لتقاتل ،والدليل إنها لم تعد موجودة في المنازل، وعطلت عن الحركة ،وتركت الشركة والمصانع ،وكانت ترافق عمالها ومهندسيها في الخنادق يقتلهم العطش والجوع والبرد والهجومات المتبادلة بين المتحاربين ،بينما غابت نهائيا في تسعينيات القرن الماضي، ولعلها فقدت في المقابر الجماعية، أو طمرت في خندق من خنادق جبهة الحرب تلك ،أو ربما صادرها الأمريكيون مع أسلحة الدمار الشامل فلم نعد نرى لعشتار من حضور بيننا ،والثلاجة العشتارالتي كنا نمتلكها كبرت وشاخت نتيجة الأستهلاك، لكنها والشهادة لله صمدت لسنوات طويلة حتى أضطررنا لشراء ثلاجة جديدة لعلها تفي بالغرض وتحفظ لنا الطعام وتبرد لنا المياه التي نستهلك في الصيف الحار في بلد يفتقد أشياء كثيرة لكنه يتمتع بحضور حراري لاهب كل صيف يرافقنا الى أمكنة مختلفة بدءا من غرفة النوم ،وحتى الحمام ،ويلاحقنا في الشارع والسيارة ،ويهب لنا التراب والعرق لتتحجر الأطيان على أجسادنا المتلونة بالقهر والحرمان والرغبة في الحصول على أشياء نشعر بالحرمان منها ،ولانجد السبيل لتحقيقها مهما تطاولنا في أفعالنا،وحيلنا،ومهارات التلون والإنبطاح التي نمتلك.

عشتار التي تعود كطائر الفينيق وتنتج الأجهزة المختلفة وتغزو السوق بشكل مختلف هذه المرة وتنافس المنتج الأجنبي لجودة الإنتاج كانت ومثلها شركات وصناعات غيبت قسرا لأسباب نجهل منها البعض ،ونعرف منها الكثير، ونأسف لأننا نعرف العلل ،لكننا لانجد الطبيب ،وإذا وجدنا عرفنا إنه لايمتلك المهارة في إعادة المريض الى الحياة ،فصناعتنا الوطنية زاخرة بالعطاء لكنها معطلة قسرا ،وقد سألت مسؤولا رفيعاعن غياب الصناعة الوطنية بصفته خبيرا في هذا المجال ؟وقال إن أسباب تدني الحضور الصناعي الوطني يعود لأسباب عديدة، ونحتاج الى نوع من التخطيط والترتيب والتأهيل يعيد لصناعتنا قوتها وحضورها ونشاطها من خلال خطط وبرامج حكومية مدعمة بقوانين من البرلمان العراقي تساهم في إعادة ماكينة الصناعة الوطنية الى سابق عهدها برغم صعوبة تحقق ذلك بسبب الصراع السياسي وتعدد مراكز القرار في الدولة.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات