إلغاء المعاهدة وماذا بعد ؟

يبـدو أن بعض نوابنا المحترمين يتأثرون كثيراً بما يقرأونه في الصحف ، ويحاولوا تطبيقه حرفياً تحت القبة ، فقد أخذوا الدعوة لإلغاء المعاهدة عن الأستاذ ناهض حتر ، ونفذوا تحريض الشيخ رحيل الغرايبة بتهديد الحكومة بسحب الثقة منها إذا لم تنفذ قرارهم بإلغاء المعاهدة ، ليس لخدمة مصلحة البلد ، بل لتأكيد سلطة وكرامة المجلس وهيبته.
المعاهدة صدرت بقانون صادق عليه مجلس النواب في حينه ، وإلغاء المعاهدات شأن تنفيذي تختص به الحكومة ، وبالتالي فإن المجلس تجاوز صلاحياته فيما يتعلق بمصير المعاهدة وهو قرار هام لا يجوز أن يترك لذوي الاصوات العالية الذين يستجدون تصفيق الشارع ولو على حساب المخاطرة بأمن البلد.
إلغاء المعاهدة يعني العودة إلى حالة الحرب مع إسرائيل ، فهل مجلسنا الموقر جاهز لما يمكن أن تعنيه الحرب؟ على ماذا يعتمد النواب في هذا القرار الجريء حد التهور. ولماذا يأخذون قراراً بالانتحار؟.
الطائرات الإسرائيلية تتجول في سماء سوريا ولبنان وتضرب الأهداف التي تراها ، ولكنها لا تقترب من أجواء مصر والأردن ، وإذا كان لسوريا أصدقاء دوليون وإقليميون مستعدون للدفاع عنها ، فمن يدافع عن الأردن إذا تعرض للعدوان؟ وإذا كان في لبنان ميليشيا جاهزة للرد على العدوان الإسرائيلي بصواريخ لما بعد حيفا فماذا يملك الأردن في حالة حدوث مواجهة مع إسرائيل التي تضمن أميركا أنها ليست أقوى من الأردن فقط بل أقوى من الدول العربية مجتمعة (وهي لا تجتمع).
لمصلحة من يطلب من الأردن أن يتحرش بآلة الحرب الإسرائيلية ، في الوقت الذي يقدم فيه العرب مبادرة بعد أخرى وتنازلاً بعد آخر لتحقيق السلام مع إسرائيل. وهل يعتمد نوابنا على الفضائيات العربية التي أشادت بخطاباتهم النارية لتشن هجومأً معاكساً على إسرائيل.
لنفرض جدلاً أن الحكومة استجابت لنواب الشعب وألغت المعاهدة من جانب واحد ، وهو ما يساوي إعلان الحرب ، فما هو البرنامج الذي يقترحه النواب المحترمون لليوم التالي ، هل نبدأ عملية تحرير فلسطين من النهر إلى البحر بما في ذلك المياه الإقليمية! وهل يهب العالم لنجدتنا أم يحملنا مسؤولية استفزاز إسرائيل؟.
الرئاسة الموقرة لمجلس النواب مطالبة بضبط إيقاع المجلس والعودة به إلى المنطق والعقلانية وعدم تجاوز صلاحياته والتغول على الحكومة وعلى حاضر ومستقبل البلد ، وعلى الأقل شطب كل المزايدات من محضر الجلسة. ( الرأي )