النائب السنيد يكتب : حتى لا يتحول البرلمان الى أسد من ورق
المدينة نيوز - كتب النائب علي السنيد - : توجهات نيابية عديدة اتخذها مجلس النواب مؤخرا يمكن وصفها بالجريئة ، وهي تعكس نبض الشارع ، وتحدث التحاما بينه، وبين الجماهير، ولعل من ابرزها تصويت النواب على قرار طرد السفير الاسرائيلي من عمان، وتكنيس هذا الدنس عن الارض الاردنية، وقد جاء ذلك في معرض الرد على اقدام قطعان الصهانية على تدنيس باحة، وساحات المسجد الاقصى المبارك.
واعقب هذا الموقف الجريء قيام النواب بتوقيع مذكرة نيابية تطالب بالغاء اتفاقية وادي عربة، والتي لا تحتاج سوى للشروع بقانون لالغائها، ومسحها من الوجود، والمذكرة وقعها غالبية النواب.
وسبق وان وقع ما يربو على 110 نواب مذكرة نيابية تطلب من الحكومة السير باجراءات اصدار عفو خاص عن الجندي الاردني البطل احمد الدقامسة ، والمحكوم بالمؤبد على خلفية عملية الباقورة الشهيرة.
وهي جملة مذكرات نيابية حازت على الاجماع النيابي، وعكست الموقف الشعبي بدقة الا انها قوبلت باهمالها حكوميا، وعدم الالتفات اليها، ولم تأخذها الحكومة على محمل الجد .
وبذلك يكون البرلمان اقترب كثيرا من وجدان الشارع الاردني، وعبر عن نبض الاردنيين بدقة، وعن تطلعاتهم الوطنية المشروعة على المستوى النظري، الا انه يواجه خطر افشال مواقفه على خلفية سلوك حكومة النسورالمستهترة به، وهي الخارجة للتو من معركة الثقة ، وقد استخدمت كافة الطرق الملتوية، والوعود غير الواقعية لتحصل على هذه الثقة التي جاءت على الحافة، وكان بامكان رئيسها بدلا من ذلك ان يذهب الى المصارحة مع البرلمان، وان يقف وقفة صدق معه ، ويعلن انه لا يستطيع توزير النواب، وانه لا خيار امامه سوى رفع الدعم عن الكهرباء وبالتالي، ارتفاع اسعارها ، ويصارح النواب قبل التصويت على الثقة، ويترك الخيار لهم فاما ان يعطوا الثقة على بينة، او ان يحجبوها على بينة بدلا من افقاد الحكومة مصداقيتها عند اول اختبار، وهو ما ظهر جليا بتنصلها -اي الحكومة- من التفاهمات التي اجرتها عشية التصويت ، وسرعان ما ان تراجعت عنها.
ولم تكن هذه الحكومة لتتجنب المنزلق الخطر التي وضعت نفسها به لولا ان رمى لها الملك قارب النجاه ، وكان توزير النواب سيؤدي بها حتما الى التصادم مع غالبية نواب البرلمان، وتنافص اعداد المؤيدين لها.
وكم كان موقف رئيس الوزراء سيكون كبيرا لو وقف وخاطب البرلمان بصراحة عن خياراته المقبلة، ولو ادى ذلك الى حجب الثقة عنه، وسقوط حكومته بدلا من سقوط مصداقية الحكومة عند اول منعطف كما هو باد اليوم.
وهذه الحكومة ما تزال ماضية في سياستها القاضية بالضرب عرض الحائط بارادة البرلمان، وهي تقفز عن عدة مذكرات نيابية عبرت عن توجهاته الحقيقية، وعندما لا تلتزم بها فهي تؤكد على علاقتها غير السوية مع ممثلي الشعب، واستهتارها بهم، وقد سارت على نفس خط سيرها الاول قبل تقديم استقالتها في المرة الاولى عندما قفزت عن المذكرة النيابية التي طالبها من خلالها ( 93 ) نائبا بالتراجع عن رفع اسعار المحروقات، وتمكنت من حرف مسار الجلسة بافتعال مشاجرة بين النواب، وقد رمى الرئيس بذور الفتنة في البرلمان بانفعاله غير المبرر، وبذلك رفعت الجلسة، ولم يتم الزام الحكومة بالتراجع عن قرارها برفع الاسعار.
ومعروف ان الرئيس ايضا خالف كافة التفاهمات التي اجراها مع النواب من خلال المشاورات البرلمانية التي حدثت في بداية تشكيل حكومته – وانا شخصيا قاطعتها- وقد جاءت تشكيلة الحكومة، وبيانها الوزاري فيما بعد على درجة من التناقض مع مسار هذه المشاورات، وكأن لسان حالها يقول "قولوا ما تشاءون ونفعل ما نريد".
لكل ذلك وحتى لا يتحول البرلمان الى اسد من ورق، وتستمر عملية الاستهتار الحكومي به، وكي لا يطال الوهن مواقفة الوطنية المبدئية فعلى البرلمان ان يشرع مجددا بطرح الثقة بهذه الحكومة، واعادة اسقاطها ، وقد سقطت نظريا بتوقيع اغلبية برلمانية تحجب الثقة عنها، ولو كان رئيسها على شاكلة الرؤساء الذين لا يتعالون على مجلس النواب، ويحترمون الديموقراطية لاقدم من فوره على تقديم استقالته بعد توقيع المذكرة، وكون سياسات حكومته تتناقض مع توجهات الاغلبية البرلمانية.