حرب السيارات

تماس كهربائي كاد أن يودي بي وسيارتي ليلة أمس عندما اشتعلت النيران فيها وتبيّنت الأمر لمّا توقفت على إشارة وزارة الصناعة والتجارة وشاهدت اللهب وهو يخرج من ثنايا غطاء المحرك. أوقفت المحرك وفتحت كبسة الغطاء وترجّلت مسرعا وتمكّنت من فتحه قبل أن يهبّ المارة للنجدة. كانت النيران مشتعلة بالجانب الأيسر الأمامي وكانت متمركزة خلف ضوئه وأسفل الجناح, وقد أحضر من هبّ للنجدة قوارير المياه وبدؤوا بعملية الإطفاء، أحدهم أحضر طفاية من سيارته وتمكنّا من إخماد الحريق، بعدها فصل أحدهم الكوابل في منطقة الحريق وعزلها، شكرتهم وغادروا بعد تأمين السيارة.
أمس عصرا, أعاق موكب عرس الطريق أمام فندق ريجنسي بالاس، ومع تزاحم السيارات كان الجميع يحاول التحول إلى مسرب اليسار، أحدهم لم يتح المجال لسائق فكان أن وقع تبادلا سريعا للشتائم كاد أن يتحوّل إلى شجار.
المفارقة، الذين هبّوا لنجدتي تبرّعوا للأمر دون سابق معرفة، وإنّما نخوة تميِّز أهل البلد قاطبة، والذين تلاسنوا في الشارع بسبب من يسير أولا في مركبته لا يعرفون بعضهم البعض أيضا لكنهم على جهوزية عالية للتشاجر, وأغلب الأكيد أنّهم لا يقلّون نخوةً لو أنّ المطلوب كان إطفاء حريق في سيارة.
المسير بالمركبات في شوارع عمان يكشف مدى العداوة التي تصل التحدي وربما الكراهية ما بين السائقين, إذ أنّ الكل يظن بنفسه أنّه الأمهر بالقيادة وصاحب الحق في أيّ أمر مروري, ولمجرد أن يخطئ سائق أو سائقة فإنّ الزوامير تنهال عليه من كل حدب وصوب، إضافة لإطلاق العبارات الناقدة بلذع مضافا إليها الإشارات لمعاني بعينها.
مجرد تحوُّل إشارة المرور إلى اللون الأخضر يعني بوقا جماعيا من الزوامير، ومجرد تعطُّل مفاجئ لسيارة أثناء المسير كفيل بإظهار التذمر والغيظ, والكل يرفض الالتزام بأولوية المرور وقوانينه كما ينبغي، وحقيقة الأمر أنّ في المشهد أزمة ولكنها ليست أخلاقية أبدا بقدر ما هي سلوكية وثقافية تخصّ قواعد السير بالمركبات, وهذه يمكن معالجتها بالتثقيف والتوعية وشروط الحصول على رخصة القيادة، والدليل الاستعدادات لتقديم العون بنخوة لتغيير إطار لسيارة سيدة أو رجل عجوز دون تردد، وليس إطفاء حريق في سيارة. ( السبيل )