حرب على سوريا أم فيها ؟

بعد اكثر من عامين وسبعين الف قتيل في سوريا اصبح السؤال ملحا وبلا اية مواربة وهو هل الحرب في سوريا ام عليها؟
ان عدد الاطراف ذات الصلة بهذه الحرب تجاوز عدد اصابع اليدين والقدمين وكأن لكل طرف دمشقه التي يبكي عليها حينا ويغني لها احيانا، وما بين موسكو وواشنطن مرورا بلندن وباريس ما يعيدنا اليوم الى القرن التاسع عشر. عندما كان هذا العالم العربي مجرد ساحة قتال. لكن ما قاله الكسندر هيج ذات يوم عن هذه المنطقة وما تعنيه للعالم بدأت دلالاته تتضح على نحو لا يقبل الالتباس.
وما قاله هيج ليس عن مصالح استراتيجية واهداف اقتصادية فقط بل اضاف كلمة «الروحية» ايضا لتشمل الثقافة والوجدان والهوية.
حربان اذن اشبه بدائرتين لهما مركز واحد هو دمشق اما المحيطان فاحدهما اقليمي والاخر يتسع ليشمل العالم.
الحرب على سوريا ليس بمعنى التحالف ضدها لان من اصدقائها من لهم الحرب الخاصة عليها. والمسألة تتجاوز الغنائم الى الموقع فطالما وصفت جغرافيتها الشامية بانها جغرافيا ديكتاتورية ومتحكمة، سواء بالنسبة لجيرانها او لمصر التي رأى قادتها وحتى غزاتها ان الشام بوابة مصر وهي رافعتها بقدر ما هي الحمولة الباهظة التي تقصم ظهرها.
وهذا ما حدث بالفعل عام 1967، فالتحرك المصري يومئذ كان دفاعا عن الشام بعد ان تلقى عبدالناصر معلومات من موسكو عن حشود تستهدف دمشق.
ما فعله محمد علي باشا وابنه ابراهيم واخيرا عبدالناصر هو ما سعى اليه نابليون بونابرت فهؤلاء كانوا ادرى من الخبراء والجنرالات المتقاعدين هذه الايام الذين يخلطون بين الاستراتيجية والبامياء وبين الثروة والثورة!
فهل اصبح المشهد السوري اشبه بالاسطورة الهندية التي تحدثت عن ستة عميان سقطوا على الفيل، فوصف كل واحد منهم الجزء الذي ارتطم به، الفيل الامريكي له قراءته، وكذلك الفيل الصيني والروسي والبريطاني والفرنسي والايراني.
فمن سقط على خرطوم الفيل ليس كمن سقط على ذيله، وعلينا في حمى هذا الاشتباك المدجج بسجالات فضائية ان نختار.
الفيل هو كل هؤلاء.. وقد يكون شيئا اخر غير الذي وصفوه، والخلاصة ان سوريا تنزف على مدار الساعة من الخاصرتين، بمعزل عن الاسماء التي تطلق على هاتين الخاصرتين.
فالمعري ليس طرفا في جيش حر او جيش نظامي لكنه فقد رأسه وكذلك قلاع واطلال وشواهد حضارية على امتداد البلاد.
الحرب في سوريا اصبحت ملتبسة بسبب الافراط في توصيف المشهد العسكري وعدد القادمين من خارج البلاد، لكن ما هو واضح الان هو الحرب على سوريا من اجل اقتسامها كغنائم، وفي مثل هذه الاحوال لا يعفّ احد، لان السياسة لا قلب لها ولا ضمير، وعلى من يجازف في الاشتغال بها كما يقول سارتر ألا يفاجأ اذا علقت القذارة بأصابعه حتى الابد.
هما حربان، والضحية واحدة، انها سوريا برمّتها! ( الدستور )