قياس المقاييس

ظل الاهتمام موجهاً نحو المواصفات دون المقاييس، مع أنهما يجتمعان معاً في الكلام الدارج والرسمي، ولهما دائرة واحدة تختص بهما.
هناك ما هو إيجابي، فبحكم عدم الانتباه الى المقاييس، يتمكن رب الأسرة هذه الأيام، من العودة الى البيت حاملاً "صندوق فواكه" بلاستيكي شفاف، يسمى "شرحة" تمييزاً له عن "البكسة"، ومن المعروف أن مشهد الدخول للمنزل "بصندوق"، فيه قدر كبير من "الهيبة الشرائية"، مقارنة بمشهد الدخول "بِكِيس".
ولكن الأمر سوف يختلف مع السلع التي تباع "بالضمة" مثل البقدونس والنعنع والجرجير، فقد مر زمن كانت فيه الضمة من هذه الحشائش أقرب الى "الجُرْزة" من حيث الحجم، وكانت تحتاج لكلتا اليدين لكي تُحمل، ولكنها في الآونة الأخيرة تحولت الى عدد محدود من الخيوط، يمكن حملها بالسبابة والابهام. وفي هذه الحالة فإن دخول رب الأسرة وهو يحمل إحدى هذه الضمم "المعاصرة" يدخل في سياق "قلة الهيبة" الشرائية.
الأمر ذاته حصل مع سلعة ذات وضع خاص وهي "قمر الدين"، تلك السلعة الشهيرة في رمضان، فصحيح أن وحدة بيع قمر الدين لا تزال تحتفظ بتسمية "سفطة"، لكنها توقفت منذ زمن عن أن تكون سفطة مهما كان تعريفك للسفطة، إنها اليوم عبارة عن طبق واحد مع طيّة خفيفة عند أحد الأطراف، بما يمكنها من انتحال شخصية السفطة.
تاريخياً، اشترى الناس البرتقال والرمان "بالشوال" ثم "بالشتلة" أي "الشوال الصغير"، ثم "بالسحارة" وقبل ذلك "بالخرج" أو "بالشّليف" وهذين الأخيرين كانا يحتاجان لظهر الدابة لكي يُحملا وينقلا.
كيف نقيس المقاييس؟ ذاك هو السؤال. ( العرب اليوم )