رسالة إلى الكبار في الأردن والعراق !
تابعت بأسف شديد تطورات الأحداث المؤسفة والمتسارعة التي شهدها الأردن الحبيب بعد تعرض عدد من المحامين والمواطنين الأردنيين لضرب مبرح من أعضاء البعثة الدبلوماسية والأمنية بالسفارة العراقية في عمان، حيث كان هناك احتفال أقامته السفارة بالمركز الثقافي الملكي بمناسبة اليوم الوطني للمقابر الجماعية، وخلال الحفل وقف عدد من الأردنيين وأطلقوا هتافات تؤيد صدام حسين وتهاجم رئيس الوزراء العراقي المالكي.
مما لا شك فيه أنني كعربي أولاً وكفلسطيني ثانياً أرفض بأي شكل من الأشكال ومهما كان المبرر أن يتم الإعتداء على الأردن الحبيب ملكاً وحكومة وشعباً، الذي تقاسمنا معه الحلوة والمرة على مر السنين، وكنا كالتوأم نتقارب بثقافتنا وتراثنا وعادتنا وحتى أكلاتنا، والأردن الذي يجهل الكثيرون دوره العظيم على مر التاريخ بدعم القضية الفلسطينية وكذلك صيانة وإعادة إعمار المسجد الأقصى، فوجود المقدسات الإسلامية في القدس تحت الوصاية الأردنية خير حام لها مما تتعرض له من عمليات تهويد منظمة، وبناءاً على ما تقدم فإن ما تعرض له المواطن الأردني من إعتداء همجي ووحشي أمر مرفوض انسانياً قبل أن يكون مرفوض دبلوماسياً، ولكن وإن كنا نرفض ذلك الاعتداء لا بد وأن نسجل النقاط التالية من عين محايدة بعيداً عن أي تعصب أعمى قد يكون أعمى الكثيرين وانطلقوا يتخذون مواقف لا تزيد إلا إشعال النار لمصلحة ذلك اللهو الخفي الذي يعبث داخل دولنا العربية.
لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتم تعميم أي سلوك شائن يقوم به أي مواطن من أي جنسية لتشمل كل بلده وأبناء شعبه أو قبيلته وعشيرته، فثلاثة مواطنيين عراقيين اعتدوا على المواطنين الأردنيين لا يمكن أن يمثلوا أكثر من اثنين وثلاثين مليون عراقي، فالمواطن الأردني إن ارتكب جرم في أي دولة أجنبية لا يقال الشعب الأردني مجرم بل يقال ذلك المواطن مجرم ويتم محاكمته وفق القانون دون أن يقوم أحد بالاساءة لبلده وشعبه وإطلاق تصريحات وكلام غير مسؤول كالذي سمعته من البعض باليومين الماضيين، وكما أقول دائماً لا تنسوا أن عم الرسول عليه الصلاة والسلام هو أبو لهب.
كما وأنه من وجهة نظري الخاصة أرى أن ما قام به هؤلاء المحامين والمواطنين فعل غير مسؤول وغوغائي، فوجودهم هناك كان استفزازياً، فسواء كنتم مؤيدين أو معارضين لصدام حسين هذا ليس موضوعنا ولا مكان لإطلاق مواقفكم، ويحق لكم الاعتصام فقط خارج مقر الحفل والتعبير عن وجهة نظركم، ولكن افساد الحفل بهذه الطريقة أمر أراه غير لائق أو منطقي، فأنتم تماماً كالذي دخل الجامع وقام بتشغيل أغانٍ عاطفية أو كالذي دخل الملهى الليلي وقام بتشغيل القرآن الكريم على مسامع من السكارى والراقصين والراقصات !
في الدول الغربية بما فيها دول الحرية والديمقراطية وفي حالات كهذه يسمح للمواطنين أن يقولوا رأيهم المعارض مهما كان خارج مقر الحفل، وإن تم ودخل أحدهم لداخل القاعة وقاطع المتحدث وأطلق هتافات غوغائية بهدف افساد الحفل يتم طرده فوراً من قبل رجال أمن الدولة نفسها ويحاكم وفق القانون، لأن حريتك تنتهي عند حرية الأخرين الذين لهم حق الاحتفال بما يرونه مناسباً، وبما أنهم من المثقفين كان الأفضل أن ينظموا فعالية أخرى يمجدون فيها صدام حسين كما يشاءون، دون إفساد واستفزاز مشاعر الأخرين ممن يعارضوهم، فصدام حسين انسان وبشر ويحق لمن يشاء أن يعارضه أو يؤيده.
بالنهاية، أيها الأردنيون الكبار.. ويا أيها العراقيون الكبار.. لا تجعلوا هذا المستنقع القذر يجرفكم، فهمكم واحد وعدوكم واحد.. وإن كنتم مؤيدين أو معارضين لصدام حسين.. فالنتيجة واحدة.. أنه قد مات.. والأبقى على مر الزمان هو الوطن والشعب العظيم فقط لا غير !
إعلامي فلسطيني - عمان