الشخصيات العامة في الاردن.. لماذا لا تخسر مواقعها؟

المدينة نيوز - بقلم : اسامة تليلان - في الدول الديمقراطية اظهرت التقاليد التي تحيط بها ان الوصول الى المواقع المتقدمة معادلة من التوازنات وسجل حافل من العمليات وفي مقدمتها سجل السيرة الذاتية والنزاهة والعمل في الاطرالمؤسسية المدنية والحكومية المتعددة والاطر الانتخابية وكذلك المؤهلات والخبرات والتخصصات التي تمنح الشخص اهلية لتبوء المواقع المتقدمة في الشأن العام. وبقدر تعقد هذه العملية التي تقود الاشخاص الى المواقع العامة والمتقدمة بقدر بساطة الامور التي قد تعفي هؤلاء الاشخاص من مواقعهم كأن يستقيل وزير للتربية والتعليم ليس لاي سبب كبير وواضح وانما لان طالبا في الصفوف الاولى قد قطف وردة من حديقة عامة فكان هذا السلوك بمثابة مؤشرا على الفشل في ادارة العملية التربوية الامر الذي دفع الوزير الى تقديم استقالته طوعا دون الزام او طلب فقط لان الصحافة رصدت هذا السلوك. واذا ما وقع خطأ مقصود يكون ذلك بمثابة شهادة تقاعد مبكرة من الحياة العامة والحياة السياسية.
بالمقابل في منظومة دولنا, تقع لدينا اشد الاخطاء والتجاوزات المقصودة في احيانا كثيرة من شخصيات تتبوء المواقع العامة والمتقدمة وترصد الصحافة والناس كل ذلك وتصبح القضايا مثار جدل يومي دون ان يتغير شيئ او ان تحرق شخصية عامة واحدة ان على المستوى الحكومي او على المستوى الشعبي بل على العكس من ذلك تبرز دعوات من قبل هذه الشخصيات لتكميم افواه الصحافة بحجة اغتيال الشخصية العامة. بل ان هذه الشخصيات بتكرار اخطائها وتجاوزاتها تصبح اكثر قوة وهيبة. امر في غاية الغرابة ان من يخطأ يمكن اعادة اختياره عدة مرات اخرى لمواقع اكثر حساسية وان تعذر ذلك لاسباب خاصة يمكن اعادة انتاجه بتوريث المنصب لاحد ابنائه او اشقائه او ازواجه.
والمشكلة لم تعد تقتصر على اعادة الانتاج الحكومي لمثل هذه الشخصيات وكأنه سلوك منعزل عن المجتمع وانما بتكرار مثل هذه الحالة اضحت ثقافة المجتمع ايضا داعمة اوعلى الاقل غير مبالية بما يمكن ان يرتكب من اخطاء.
ولاننا في الاردن اخترنا الخيار الديمقراطي فانه لا ينبغي ان نكرس ممارسات ليست ديمقراطية وربما اكثر من ذلك لكن هذه الظاهرة لا شك ان لها اسبابها والعوامل المنتجة لها ومما لا شك فيه ان هذه الاسباب والعوامل هي احد اهم المعوقات امام تعزيز خيارنا الديمقراطي. فهل فكرنا للحظة بتلك المداخل التي تحمل الافراد الى المواقع القيادية في الشأن العام وتلك العوامل التي تسهم في عدم خسارتهم لتلك المواقع مهما حدث. اذ من غير المعقول في العملية السياسية السليمة ان من يرتكب اخطاء جسيمة لا يخسر موقعه العام هذا بحد ذاته خلل فادح يحيط بالعملية برمتها ويستوجب التقييم والمراجعة للعديد من المداخل التي تحمل الافراد الى المواقع القيادية في الشأن العام.