ملاحظات اقتصادية من هنا وهناك

إذا كان الدعم النقدي أسلوباً مقبولاً في مواجهة رفع أسعار الخبز أو المحروقات فإنه ليس كذلك في حالة رفع أسعار الكهرباء، ذلك أن الدعم النقدي مطبق حالياً، وعلى كل فاتورة كهرباء عبارة تقول أن الدعم الذي تتحمله الحكومة على فاتورتك هو كذا.
ماذا يبقى للدعم النقدي إذا كان سعر الكيلووات للشريحة العليا يزيد عن سبعة أضعاف سعر الكيلووات للشريحة الدنيا، أليس معنى ذلك أن هناك دعماً نقدياً يعادل حوالي 85% من الكلفة للشريحة الدنيا.
في كل مرة ترفع فيها تعرفة الكهرباء، كانت الزيادة تقتصر على الشرائح العليا والمتوسطة، ولا تمس الشرائح الدنيا، حتى أصبح هيكل الأسعار كاريكاتورياً، وهناك إغراء لاستهلاك المزيد من الكهرباء المدعومة.
بالمناسبة ذكرت الأخبار أن الحكومة بحثت موضوع انتهاء امتياز شركة الكهرباء الأردنية وقررت تمديد العمل به ستة أشهر، فماذا سوف يحصل خلال هذه الشهور الست غير ترحيل المشكلة إلى الأمام وهي السياسة التي تعهدت الحكومة بعدم ممارستها.
في الوقت ذاته قرر البنك المركزي رفع رأسماله من 18 مليون دينار إلى 48 مليون دينار عن طريق إجراء شكلي هو نقل مبلغ 30 مليون دينار من الاحتياطي العام إلى رأس المال، أي من حقـوق الملكية إلى حقوق الملكية، مما لا يعني شيئاً على أرض الواقع، وهو يشبه توزيع الأسهم المجانية في الشركات التي لا تعني شيئاً ولا تؤثر على حصة المساهم في رأسمال الشركة.
الغريب في الأمر أن يكون رأسمال البنك المركزي 18 مليون دينار فقط في الوقت الذي ُيلزم فيه البنوك التجارية برفع رؤوس أموالها إلى 100 مليون دينار كحد أدنى، فكيف يكون راسمال بنك البنوك أقل من ُخمس رأسمال بنك عادي.
الحقيقة أن رأسمال البنك المركزي سالب حتى بعد الزيادة، لأن ما لديه من ديون مشكوك فيها أو معدومة يزيد كثيرا عن رأس المال. ويعتمد البنك المركزي على سيولته غير المحدودة بالدينار الناشئة عن قدرته على إصدار النقد المتداول.
أخيراً يشكو التجار من ركود يسيطر على الأسواق بالرغم من العروض وتخفيضات الأسعار لاجتذاب المشترين. هذا الخبر يجب أن ُيقرأ مع تهديدات المسؤولين في غرفة التجارة ونقابة تجار المواد الغذائية والمستشفيات الخاصة بأنهم سيرفعون أسعارهم إذا رفعت أسعار الكهرباء. الحقيقة أن هذا التهديد فارغ، ولو كان هؤلاء قادرين على رفع أسعارهم لأن السوق يسمح بذلك، لما انتظروا رفع أسعار الكهرباء. الكلفة تؤثر على السعر ولكنها ليست العامل الوحيد فهناك العرض والطلب، ولو كان سعر البيع يغطي الكلفة والأرباح في جميع الحالات فلماذا تحدث الخسارة؟. ( الرأي )