أكرم شوارب: صديق صحيفتنا المخلص

بعد اليوم سوف تفتقد صحيفتنا، تلك الاتصالات الجميلة، رغم ما في أغلبها من حدة وتأنيب أحياناً، والتي كان يجريها، مع كثيرين من كادر الصحيفة، المرحوم القارئ الوفي للعرب اليوم أكرم شوارب.
لم يكن المرحوم يطيق رؤية أي خطأ لغوي ويعتبر ذلك عيباً ولا يقبل الحجج، فيتصل محتداً، وأحياناً يطلب التصحيح والاعتذار وهو ما لم تتردد الصحيفة عن القيام به مع الاعتذار العلني ذات مرة. وقد تستغربون، فالمرحوم أكرم في العقد التاسع من عمره، ولم يدرس إلا الصفوف الأولى، ربما الصف الرابع الابتدائي كما أخبرني، إذا لم تخني الذاكرة، ولكنه قارئ واسع الثقافة.
بالنسبة لي كانت أغلب الاتصالات تحمل ملاحظات أخرى غير الأخطاء، وعندما يكون في مقالتي شيئاً من السخرية أو الأفكار الطريفة، كان على الدوام يضيف إليها ما هو أهم وأطرف منها، وقد اعتدت على مكالماته وصرت أستمتع بها، ولهذا كنت أحياناً لا أجيبه مباشرة لكي اختار الوقت المناسب لمكالمة طويلة، وقد كنت أستفزه لأستزيد، فمن الواضح أن ذاكرته تحمل الكثير من القصص والحكايا ذات الدلالة، وكان يجيد الاختيار منها ما يناسب موضوع المكالمة.
لم أقابله سوى مرة واحدة وبالصدفة، ولكني اكتشفت بالتدريج ومع مرور الوقت، أنه "غَلَباوي" من النوع الذي أحبه، ومما يحزنني اليوم أني كنت أفكر بأن أستعين به في بحث "أشتهيه" منذ زمن، ولا أعرف هل سأتمكن من القيام ذات يوم، حول "الشخصية الأردنية"، وللأسف أشعر الآن أني افتقدت مصدراً مهماً، وذلك وفق المنهج الذي تجرى به مثل هذه البحوث.
بوفاة المرحوم أكرم شوارب، افتقدت صحيفتنا، وافتقدت شخصياً، قارئاً فريداً ينتمي الى جيل خاص من القراء. له الرحمة. ( العرب اليوم )