فضائيات أم غرف عمليات؟؟

تم نشره الأحد 02nd حزيران / يونيو 2013 04:04 صباحاً
فضائيات أم غرف عمليات؟؟
خيري منصور

تفاءل العرب بالاعلام الفضائي، لعله يحررهم من الاعلام الأرضي الزواحفي الذي عمق خطوط الخلاف طولاً وعرضاً، لكن سرعان ما انتقلت العدوى من الأرض الى الفضاء لأن الفيروس الرشيق وشديد التأقلم تسلل حاملاً الخصائص ذاتها، وهي الهجاء المتبادل وفقه التخوين، وثقافة الاستعداء والنميمة.

هكذا أصبح من حق العربي المخذول فضائياً أن يقول ما طارت فضائية وارتفعت الا وكما طارت وقعت، ذلك لأن الموضوعية والنقل الأمين لما يجري في الواقع هي من ثقافة بائدة، فالفضائيات أصبحت خنادق والاستوديوهات غرف عمليات، والجنرالات المهزومون في خمس حروب على الأقل خبراء استراتيجيون يعرفون أدق التفاصيل عن القرى والمدن وكل الشعاب في تضاريس العرب، لكنهم لا يعرفون الفرق بين عكا والعكوب لفرط ما نسوا تلك الجهة، فاستبدال الاعداء يتطلب بالضرورة استبدال الحروب ما دامت البوصلة قد عُطبت، وحولت الشرق الى غرب والجنوب الى شمال.

وعلينا الآن أن نسمع الأخبار من عشر فضائيات معاً كي نحيط بالمشهد، لأن لكل واحدة قيسها الذي تغني له أو عليه.

الخبر الواحد يقدم عبر فضائيتين بشكل متناقض تماماً، فالانتصار على شاشة هو هزيمة ساحقة على شاشة أخرى، والديكتاتور على شاشة هو العادل الأمين عبر شاشة مضادة.

نعرف ان من أبسط بديهيات الفيزياء ان يكون للواقع جاذبية وان من يحلق عالياً لا بد ان يقع، سواء كان عباس بن فرناس أو جنرالاً متقاعداً حصل على فرصة عمل وان ثمنها دم نصف مليون عربي.

هكذا لم يفلت الفضاء من جاذبية الأنظمة السياسية، وربما أصبح الوضع اسوأ لأن الارضيات كانت ولا تزال واضحة ومرتهنة لدولة واحدة واعلام رسمي واحد، لكن الفضاء معروض للبيع أو للايجار وما سمعناه من فضائية قبل أعوام نسمع عكسه تماماً اليوم، ليس لأنها طورت وعيها وثقافتها وبلغت الرشد، بل لأن متطلبات السوق والبورصة تفرض شروطها.

وثمة مذيعون ومذيعات ومقدمو برامج يبدو أنهم اخطأوا الطريق، فقد حلموا بأن يعملوا محققين أو في اجهزة أمن، لكن الحظ لم يحالفهم، فوجدوا التعويض في هذه المهنة، واحياناً نرى مذيعاً يضع الكلمات بل يحشوها كالتمر في فم ضيفه، ويعرف متى يستدعي الفاصل وهو بالطبع اعلاني وليس موسيقياً كما كان يحدث في اذاعات الماضي الارضية.

الحكاية اذن ليست في التكنولوجيا وتحديث الادوات، لأن الرؤى التقليدية وانماط التفكير التي افقدها الزمن صلاحيتها في معظم العالم لا تزال تنعم بصلاحية دائمة في العالم العربي.

لهذا علينا ان نتخيل لو ان الجاهليين كانت لديهم اذاعات وفضائيات عندما وقعت حرب البسوس، أو لو كان في زمن شعراء النقائض فضائيات ما الذي كنا سنسمعه خصوصاً من طراز:

زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا

فابشر بطول سلامة يا مربع..

انها الذهنية ذاتها لكن بطلاء حداثوي ومفردات لها لمعان فسفوري، ومن وظفوا بمهارة منجزات التكنولوجيا لخدمة الخرافة والنميمة وحرب داحس والخبراء هم قوم موهوبون في تحويل النعمة الى نقمة!! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات