ثورة "السوكرجيه"
اسمحوا لي ان أبدأ مقالتي بأجمل نكتة سمعتها هذا الاسبوع والتي تقول: "النظام السوري يحذر رعاياه من السفر الى تركيا" والتي ابكتني من كثرة الضحك..
كثير من اصدقائي على الفيسبوك وخارج الفيسبوك يتساءلون ماذا يحصل في تركيا؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟ ومنهم من ذهب الى ابعد من ذلك واعتقد ان ما يحصل في تركيا هو ثورة كالتي حصلت في كل من مصر وتونس وسوريا وغيرها من الدول التي تحررت من انظمتها الدكتاتورية واستنشقوا هواء الحرية.. ونسي هؤلاء او تناسوا ان أردوغان وحزبه –حزب العدالة والتنمية- لم يفرضوا نفسهم على الشعب التركي وانما صناديق الاقتراع هي التي اتت بهم الى الحكم.. ونسي هؤلاء ايضا او تناسوا ان أردوغان وحزبه انتخبوا ثلاث مرات من قبل الشعب التركي وفي كل مرة كانوا يحصلون على نسبة تصويت اعلى من التي قبلها.. ونسوا او تناسوا ان أردوغان غيّر وجه الاقتصاد التركي, فقد أخرج البلاد من أزمة اقتصادية خانقة كانت تعيش على وقع وصفات صندوق النقد الدولي، وحقق نهضة اقتصادية خفضت من معدلات التضخم ومسح الدين الذي كان على تركيا وهو بالمليارات وخفض نسبة البطالة مقابل زيادة في الدخل والنمو, وكل ذلك جعل تركيا في قائمة الدول الكبرى اقتصاديا في العالم بعد ان افسدها العلمانيون الذين يتظاهرون الان ضده لسنوات طويلة..
كما نسي او تناسى المتباكون على المتظاهرين في تركيا أن أروغان وحزبه منذ استلامهم الحكم في تركيا عام 2002 وحتى اليوم حققوا سلسلة من الإصلاحات الداخلية, لعل أهمها التعديلات الدستورية, وقد أعطت هذه الإصلاحات دفعة قوية للحياة السياسية في تركيا, كما حققت حالة من التعايش بين الإسلام السياسي و(العلمانية) المتمثلة بالجيش بعد عقود من الصراع الأمني والدموي بينهما.. ونسي هؤلاء او تناسوا ان أروغان حقق قفزة هائلة تجاه مختلف الدوائر الجغرافية المحيطة بتركيا والقضايا المثارة, فمن نظرية صفر المشكلات إلى التطور الكبير في العلاقات مع الدول العربية وإيران وروسيا والصين, وصولا إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية في السياستين الأميركية والأوروبية, كل ذلك جعل من تركيا دولة إقليمية مؤثرة, وهو ما عزز من مكانة الحزب في عيون الشعب التركي الذي بدأ ينظر باعتزاز إلى دور بلاده في الخارج..
كما نسي هؤلاء او تناسوا ان أروغان وحزبه استطاعوا تحقيق المستحيل وذلك بأن قاموا باحتواء الاكراد والتصالح معهم بعد عشرات السنين من العداء والقتال بين الجيش التركي والمسلحين الاكراد وهم الان يعملون على انهاء العداء القديم ما بين الشعبين التركي والكردي.. ونسوا او تناسوا ان أروغان هو من سمح بالأذان باللغة العربية خارج المساجد.. ونسوا او تناسوا ان أردوغان جعل اللغة العربية ثاني لغة في تركيا بعد اللغة التركية.. ونسوا او تناسوا بأن أروغان يبعث بأبنائه الى الدول العربية ومنها الأردن ليتعلموا الشريعة الاسلامية واللغة العربية على اصولهما.. ونسي هؤلاء او تناسوا ان اردوغان وحزبه هم من سمحوا بارتداء الحجاب في المؤسسات الحكومية والجامعات في تركيا.. ونسوا او تناسوا ان أردوغان زعيم صالح يضع مصلحة شعبة و بلدة في المقام الأول و ليس مصلحته الشخصية.. ونسوا او تناسوا ان أردوغان ضحى بأبناء شعبه عندما بعث بأسطول الحرية ليفك الحصار عن غزة وموقفه المشرف من الحرب على غزة.. ونسوا او تناسوا عندما نعت أردوغان بيريز –وجهاً لوجه- والصهاينة بأنهم قتلة الاطفال وهو ما لم يجرؤ عليه أي زعيم قبل أردوغان..
إن ما يحدث في تركيا اليوم باختصار ما هو إلا ثورة "سوكرجيه"، و"السوكرجي" لمن لا يعرف معناها هو مدمن الخمر، وعندما اقول "سوكرجيه" فأنا أعني ذلك ولا ابالغ فقد وردني من اصدقاء لي في عدة مدن تركية منها اسطنبول معلومات تؤكد بأن المتظاهرين يحملون "قناني" العرق ويتظاهرون.. وبأنهم يتظاهرون لإغلاق مرقص في حديقة في اسطنبول وبناء مشروع محله.. ويتظاهرون لان أردوغان سيقوم بترميم قلعة للعثمانيين قام اتاتورك بهدمها قديماً.. ويتظاهرون لأن أردوغان سيفرض قيوداً على بيع الخمور في الاماكن العامة.. ولأن أردوغان كل سنة يقوم برفع اسعار الدخان.. فأليست هذه بثورة "سوكرجيه"؟! ووجدت الاحزاب العلمانية المعارضة هذه المظاهرات فرصة ثمينة لإشعال تركيا واسقاط أردوغان وحزبه.. ولكن خاب فألهم.
إن اليوم الذي استلم فيه حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا يعتبر يوم استقلالها الفعلي, حيث أن تركيا اليوم لم تعد خاضعة لأوامر واشنطن وتل أبيب. .ان الحديث عن تركيا وانجازات حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في تركيا يطول وقد سبق وان كتبت حول هذا الموضوع في مقالة لي بعنوان "تركيا". وسأختم مقالي هذا بأن الانسان لا يملك مقابل انجازات أردوغان وحزبه في تركيا يملك إلا ان يقف اجلالا واحتراما لهذا القائد ولهذا الحزب الذي اعاد امجاد تركيا لسابق عهدها بعد سنين عجاف طوال انقطعت فيها تركيا عن عالمها الإسلامي الكبير.. ونقول لهؤلاء "السكرجيه" ومن يدعمهم من داخل تركيا وخارجها موتوا في غيظكم فلن تفلحوا بمظاهراتكم فمؤيدين أردوغان لن يسمحوا لكم بتحقيق أهدافكم القذرة. واهداف اسيادكم في الداخل والخارج وسينتصر أردوغان عليكم وستبقى تركيا دولة متقدمة قوية يُحسب لها الف حساب رغماً عن أنوفكم.