هيبة الدول.. كثرتها وقلتها

مفهوم "هيبة الدولة" من المفاهيم المحببة الى قلوب الأردنيين وأسماعهم. إننا جميعاً نحب فعلاً ان نعيش في دولة مهيبة. لكن ألا توجد مفارقة في أن الكلام الحالي عن هيبة الدولة يأتي في سياق إدارة العلاقة مع طرفين يتنافسان على من منهما كان سباقاً في وضع اللبنة الأولى في بناء الدولة الأردنية أصلاً؟ أقصد المعانية وجيرانهم الحويطات الذين يرتبط حضورهم في الذاكرة الوطنية مع فكرة تأسيس الدولة.
تعالوا نوسع السؤال قليلاً؛ فقبل سنة كنا نعيش ذروة أزمة في العلاقة مع منطقة جنوبية مجاورة، أي الطفيلة، ثم تلتها أزمة اخرى مع عشائر الحجايا، ثم مؤخراً قبل أسابيع نشأت أزمة أخرى مع سكان أحد ألوية الكرك الذين يمتدون قرابياً في أكثر من منطقة جنوبية. وفي كل هذه الحالات كان حديث هيبة الدولة يظهر للعلن وبقوة، ولكننا في هذه المناطق أيضاً نحن بصدد العلاقة مع جمهور يرى أنه شريك أساسي وريادي في بناء الدولة في مراحلها الأولى.
من المؤكد أن فقدان الأمن وسيادة الفوضى والتعدي على القوانين، كل ذلك يشكل مظهراً من مظاهر تراجع هيبة الدولة، لكن ألم يحن الوقت للسؤال عن الدلالات الحقيقية لجغرافيا هذه الأزمات؟ ألم يحن الوقت للاعتراف الفعلي والفعال بمظلومية الجنوب تنموياً؟ ألا يوجد من يحاسب على جملة الأكاذيب التنموية التي مارستها الدولة في علاقتها مع الجنوب خاصة خلال العقدين الأخيرين؟
الأجوبة الحقيقية على هذه الأسئلة وما يشبهها، هي التي تريح الدولة من سؤال هيبتها في الجنوب خاصة. وإلى أن يحين ذلك علينا أن نتذكر أن العناصر الأصيلة في ثقافة الأردنيين في هذه المواقع بالذات، تحتفظ للدولة بمكانة محترمة. ( العرب اليوم )